يوم عرفة - سيدي الشيخ محمد رجو حفظه الله
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصَّلاة والسَّلامُ على سيِّدِنا محمَّدٍ وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعينَ:
يومُ عرفةَ يومُ مغفرةِ الذُّنوب وجمعِ القلوب على علَّام الغيوب (إلهي أنت مقصودي ورضاك مطلوبي).
ويومُ عرفةَ لهُ فضائلُ متعددةٌ، منها:
ـ أنهُ يومُ إكمالِ الدِّينِ وإتمامِ النِّعمةِ.
ـ وأنَّهُ عيدٌ لأهلِ الإسلامِ.
ـ وقيلَ: إنَّهُ يومُ الشَّفْعِ الَّذِي أقسمَ اللهُ تعالى بهِ في كتابهِ، فقال سبحانه: {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ}، وأنَّ الوَترَ يومُ النَّحرِ.
ـ وقيلَ: إنَّهُ الشَّاهدُ الَّذِي أقسمَ اللهُ تعالى بهِ في كتابهِ، فقال تعالى: {وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ}.
ـ أنَّهُ أفضلُ الأيَّامِ، وقالَ بعضُ العلماءِ: يومُ النَّحْرِ أفضلُ الأيَّامِ.. رُوِيَ عنْ أنسِ بنِ مالكٍ رضيَ اللهُ تعالى عنهُ قالَ: كانَ يقالُ: يومُ عرفةَ بِعَشَرَةِ آلافِ يومٍ، يعني في الفضلِ.
ـ أنَّهُ يومُ الحجِّ الأكبرِ عندَ جماعةٍ من السَّلفِ، وقالَ بعضُ العلماءِ: يومُ الحجِّ الأكبرِ يومُ النَّحْرِ.
ـ أنَّ صيامَهُ كفارةُ سنتينِ.
ـ وأنَّهُ يومُ مغفرةِ الذُّنوبِ والتَّجاوزِ عنها، والعِتق منَ النَّار، والمباهاةِ بأهلِ الموقفِ.. ففي صحيحِ الإمام مسلم رحمه الله تعالى، عنِ السَّيدةِ عَائِشَةَ رضيَ اللهُ تعالى عنها قَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟).
فَمَنْ طَمِعَ في العِتقِ مِنَ النَّارِ ومغفرةِ ذنوبهِ في يومِ عرفةَ، فليحافظْ على الأسبابِ الَّتِي يُرْجَى بها العِتقُ والمغفرةُ.. ومنها:
ـ صيامُ ذلكَ اليومِ، فقد ندبنا الشرعُ الشريفُ إلى صيامه: فعن أبي قتادةَ رضيَ اللهُ تعالى عنهُ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلّى اللهِ عليهِ وسلَّم: (صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالَّتِي بَعْدَهُ) رواهُ الإمامُ مسلمُ رحمهُ اللهُ تعالى.
أما الحاجُّ فلا يستحبُّ له صيامه، بل يُكرَه عند المالكية والحنابلة، وهو خلاف الأولى عند الشافعية، وقيل: مكروه.. فقد روى الإمام أحمد وأصحاب السنن رحمهم الله تعالى عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَاتٍ).
وذهب الحنفية إلى أنَّ صيامه مندوب للحاجِّ إذا كان لا يُضعفه عن الوقوف بعرفات ولا يُخِلُّ بالدعوات، فلو أضعفه كُرِه له الصوم.
ـ حفظُ جوارحهِ عن المحرَّماتِ في ذلك اليومِ: ففي مسندِ الإمامِ أحمدَ رحمهُ اللهُ تعالى عنِ ابنِ عبَّاسٍ رضيَ اللهُ تعالى عنهما، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أنَّه قالَ يَوْمَ عَرَفَةَ: (هَذَا يَوْمٌ مَنْ مَلَكَ فِيهِ سَمْعَهُ، وَبَصَرَهُ، وَلِسَانَهُ، غُفِرَ لَهُ).
ـ الإكثارُ منْ شهادةِ التَّوحيدِ بإخلاصٍ وصدقٍ، فإنَّها أصلُ دينِ الإسلامِ الَّذِي أكملهُ اللهُ تعالى في ذلكَ اليومِ: ففي المسندِ عنْ عبدِ اللهِ بنِ عمروٍ رضيَ اللهُ تعالى عنهما قالَ: كانَ أكثرُ دعاءِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم يومَ عرفةَ: (لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ، لهُ الملكُ ولهُ الحمدُ، بيدهِ الخيرُ، وهوَ على كلِّ شيءٍ قدير).
ـ ومن الأعمال كثرةُ الدُّعاءِ بالمغفرةِ والعِتقِ، فإنَّهُ يُرْجَى إجابةُ الدُّعاءِ فيهِ.
ـ والمشروعُ فيه بالنسبة للحاجِّ هو الإكثارُ من التلبية، أما غيرُ الحاجِّ فيسنُّ له الإكثارُ من التكبيرِ من صبيحةِ يوم عرفةَ إلى عصرِ آخرِ أيامِ التشريق.
ـ ولْيَحْذَرْ منَ الذُّنوبِ الَّتِي تمنعُ المغفرةَ فيهِ والعِتْقَ، فمنها: الاختيالُ، والإصرارُ على الكبائرِ، وغيرُ ذلك.
من كتابِ «لطائف المعارف» للإمامِ ابنِ رجبٍ الحنبليِّ رحمهُ اللهُ تعالى، وغيرِهِ.
وصلّى اللهُ تعالى على سيّدنَا محمَّدٍ وعلى آلهِ وصحبهِ وسلَّمَ والحمدُ للهِ ربِّ العالمين.
سيدي الشيخ محمد عبد الله رجو حفظه الله
***
لمتابعة نسيم الرياض:
على الفيسبوك:
https://www.facebook.com/naseemalriad
وعلى التليغرام:
https://t.me/naseemalriad
وعلى تويتر:
https://twitter.com/naseemalriad
وعلى اليوتيوب:
https://youtube.com/@naseemalriad
وعلى الواتساب:
https://whatsapp.com/channel/0029Va5g8PK5vKA2zNJvVo3b
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات