"ومن عرف ذلك، دخل في رياض الأسماء، وصارت الجنة عنده وراء الوراء، لأنه ينجذب بالكلية إلى الله (1) ، ويستغرق في أنوار جماله ورضاه. ومَن عَبَدَ الله لذاته: فهو من أهل الكمال، ومن العُبَّاد أهل الشمائل والصفات، وهم كثيرون، ولهم في الوجود تصرُّفات وشئون تكثر لهم الكرامات، وتلتفُّ حولهم المخلوقات.
أما عبد الذات: فلا يهمُّه إقبال الخلق وإدبارهم، فهنيئاً لمن رآهم، أو رأى من رآهم. ومن حكمة الله تعالى: أنه منح المرسلين عطايا لو نالها العلماء لما طاقوا البقاء في دار الحجاب،فلا يسع العلماء إلا التسليم والإيمان بالغيب، والاستسلام.
وللعلماء الواصلين علوم وأسرار ، لا يتحمَّلها السالكون ولو كشفت لهم ما استطاعوا لأنهم قاصرون. وللسالكين معارف ولطائف لا يعرفها العامة، لأنهم بمنـزلة الأطفال، وليس لهم قدم في أحوال الرجال. فالحق يواجه كل طبقة بما يناسبها من أنوار أسمائه، ويمد الكل من فضله، وفيض عطائه.
اقتباس:============= الحاشية ====================
(1) : لأنه:" ما أرادت همة سالك أن تقف عندما كشف لها إلا ونادته هواتف الحقيقة : الذي تطلب أمامك ، ولا تبرجت له ظواهر المكونات إلا ونادته حقائقها : { إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ } .قال سيدي ابن عجيبة في الإيقاظ:"أي ما قصد سالك؛ أي سائر إلى الله تعالى ، أن يقف بهمته عندما كشف لها من الأنوار والأسرار في أثناء السير ظناً منه أنه وصل إلى النهاية في المعرفة ، إلا ونادته هواتف الحقيقة؛ جمع هاتف وهو ما يُسمع صوته ولا يرى شخصه . أي: قالت له بلسان الحال : الذي تطلب أمامك ، فلا تقف. " اهـ81
(يتبع إن شاء الله تعالى ..... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات