انظار الصالحين
يروى أن الشيخ آق شمس الدين الذي تولى تربية السلطان محمد الفاتح العثماني رحمه الله
كان يأخذ بيده ويمر به على الساحل ويشير إلى أسوار القسطنطينية التي تلوح من بعيد شاهقة حصينة ، ثم يقول له : أترى هذه المدينة التي تلوح في الأفق ؟ إنها القسطنطينية ، وقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رجلاً من أمته سيفتحها بجيشه ويضمها إلى أمة التوحيد ، فقال عليه الصلاة والسلام فيما روي عنه : ( لَتَفْتَحْنّ القسطنطينية ، فلنعم الأمير أميرها ، ولنعم الجيش ذلك الجيش).
وما زال يكرر هذه الإشارة على مسمع الأمير الصبي إلى أن نمت شجرة الهمة في نفسه العبقرية وترعرعت في قلبه ، فعقد العزم على أن يجتهد ليكون هو ذلك الفاتح الذي بشر به الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم وقد كان.
فقد كان والده السلطان مراد الثاني – منذ صغره – يصطبه معه بين حين وآخر إلى بعض المعارك ، ليعتاد مشاهدة الحرب والطعان ، ومناظر الجنود في تحركاتهم واستعداداتهم ونزالهم ، وليتعلم قيادة الجيش وفنون القتال عملياً ، حتى إذا ما ولي السلطنة وخاض غمار المعارك خاضها عن دراية وخبرة.
ولما جاء اليوم الموعود شرع السلطان محمد الفاتح في مفاوضة الإمبراطور قسطنطين ليسلمه القسطنطينية ، فلما بلغه رفض الإمبراطور تسليم المدينة قال رحمه الله : (حسناً ، عن قريب سيكون لي في القسطنطينية عرش أو يكون لي فيها قبر).
وحاصر السلطان القسطنطينية واحداً وخمسين يوماً ، وبعدها سقطت المدينة الحصينة التي استعصت على الفاتحين قبله ، على يد بطل شاب له من العمر ثلاث وعشرون سنة.
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات