عرض مشاركة واحدة
قديم 01-30-2015
  #1
عبد القادر الأسود
عضو شرف
 الصورة الرمزية عبد القادر الأسود
 
تاريخ التسجيل: Feb 2010
المشاركات: 216
معدل تقييم المستوى: 15
عبد القادر الأسود is on a distinguished road
افتراضي فيض العليم ... سورة الأنفال، الآية: 18

ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ
(18)
قولُهُ ـ تبارك وتعالى: {ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ} وهَذِهِ بِشَارَةٌ أُخْرَى لِلْمُسْلِمِينَ تُضَافُ إلَى نَصْرِ اللهِ لَهُمْ، فَقَدْ أَعْلَمَهُمْ تَعَالَى بِأَنَّهُ مُضْعِفٌ كَيْدَ الكُفَّارِ، وَمُوهِنٌ تَدْبِيرَهُمْ وَمَكْرَهُمْ بِالنَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم، وَبِالمُؤْمِنِينَ، وَأَنَّهُ مُصَغِّرٌ مِنْ شَأْنِهِمْ، وَجَاعِلُهُمْ إلى تَبَارٍ وَبَوَارٍ. فإنَّ قولَهُ "وَأَنَّ الله مُوهِنُ كَيْدِ الكافرين" بإضافةِ "موهِن" إلى "كيد" معطوفٌ على "ذلكم" المشار بهِ إلى البلاءِ، أَيْ المَقْصِِدُ إبْلاءُ المؤمنينَ وتَوْهينُ كَيْدِ الكافرين وإبْطالُ حِيَلِهم. وتوهينُ اللهِ تعالى كَيْدَهم يَكونُ بأَشياءَ منها: إطلاعُ المؤمنين على عوراتهم، وإلقاءُ الرُعْبِ في قلوبهم، وتَفْريقُ كَلِمَتِهم، ونَقْضُ ما أَبْرَموا بِسَبَبِ اخْتِلافِ عَزائِمِهم. قالَ ابْنُ عبَّاسٍ ـ رضي اللهُ عنهما، يُنْبِئُ رسولَ اللهِ ويَقولُ: إني قد أَوْهَنْتُ كيدِ عَدوِّكم حتى قَتَلْتَ خِيارَهُم وأَسَرْتَ أَشْرافَهم.
قوله تعالى: {ذلكم} يجوز فيه الرفعُ على الابتداء أي: ذلكم الأمر، والخبرُ محذوفٌ، والأحسنُ أن يُقَدَّرَ الخبرُ: ذلكمُ البَلاءُ حقٌّ وَحَتْمٌ. وقيلَ: هو خبرُ مُبْتَدأٍ، أيْ: الأَمْرُ ذَلكم وهو تقديرُ سِيبَوَيْهِ. وقيل: محلُّه نصب بإضمار فِعْلٍ أيْ: فَعَلَ ذلكَ. والإِشارةُ بِ "ذلكم" إلى القتل والرمي والإبلاء. وقوله "بلاءً" يجوز أنْ يَكونَ اسْمَ مَصْدَرٍ، أيْ إبْلاء ، ويجوز أَنْ يَكونَ أُريدَ بالبَلاءِ نَفْسُ الشيءِ المَبْلُوِّ بِهِ.
قولُهُ: {وَأَنَّ الله} معطوفٌ على "ذلكم" عطفَ بيانٍ فيُحكم على محلِّه بما يُحْكَمُ على محلِّ "ذلكم" وقد تَقَدَّمَ، ويجوزُ أَنْ يَكونَ في محلِّ نصبٍ بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ، أَيْ: واعْلَموا أَنَّ اللهَ، وقد تَقَدَّمَ ما في ذلك.
قرأ العامَّةُ: {مُوَهِّنٌ} بِفَتحِ الواوِ وتَشديدِ الهاءِ والتَنْوين ونصب "كيدَ" على المفعوليَّة في قراءةِ غيرِ حَفْصٍ، ومخفوضٌ في قراءةِ حَفْص، وأَصْلُهُ النَصْبُ وقراءةُ الكوفيّينَ جاءتْ على الأَكْثرِ لأنَّ ما عَيْنُه حرفُ حَلْقٍ غيرَ الهمزةِ تَعديتُه بالهمزةِ، ولا يُعَدَّى بالتَضعيفِ إلاَّ كَلِمٌ محفوظةٌ نحوَ: وهَّنْتُه وضَعَّفْتُه. وقرأَ ابْنُ عامرٍ والكوفيّون "مُوْهِن" بِسُكونِ الواوِ وتخفيفِ الهاءِ مِنْ أَوْهَنَ كأَكْرَمَ" ونَوَّنَ "مُوهن" غيرُ حَفْصٍ.
__________________
أنا روحٌ تضمّ الكونَ حبّاً
وتُطلقه فيزدهر الوجودُ
عبد القادر الأسود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس