نصيحة للطلاب - سيدي الشيخ محمد عبد الله رجو حفظه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
نصيحة للطلاب
الحمد لله رب العالمين.. والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين:
أما بعد:
فالنصيحة للطالب أن يختار في المدرسة الأصحابَ والأصدقاءَ الصالحين الطيبين الصادقينَ المُجِدِّينَ أهلَ الاستقامة، ويبتعد عن صحبة الطلاب المنحرفين والبطَّالين؛ لأنَّ الصاحب ساحب، و(المَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ) رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي رحمهم الله تعالى.
وعليه أن يُحضِّر للامتحان جيداً، ولا يعتمد على تحضيره، بل يعتمد على الله سبحانه وتعالى، فلا يهمل الأخذ بالأسباب، ويتوكَّل على الله سبحانه وتعالى {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}.
لما كُنَّا في المدرسة في العادلية تحت إشراف العارف بالله تعالى سيدي الشيخ عبد القادر عيسى رحمه الله تعالى ونفعنا به، أكرمتنا المدرسة باللقاء به رضي الله عنه قبل بدء الامتحانات، وكان مما نصحنا به رحمه الله تعالى:
إذا دخل الطالب الامتحان وجلس على الطاولة، فقبل أن يبدأ بالامتحان يقرأ الفاتحة لحضرة الحبيب الأعظم صلَّى الله عليه وسلَّم، ثم لساداتنا أهل الله جميعاً، ثم يستغفر عشر مرات، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم عشر مرات، ويذكر (لا إله إلا الله) عشر مرات.
وعندما يأخذ الطالب الأسئلة، لا يقرؤها دفعة واحدة، بل يضع ورقة الإجابة فوق ورقة الأسئلة، ويسحب ورقة الأسئلة، فيظهر السؤال الأول فقط، فيقرؤه ويتأمَّل فيه بشكل جيِّد ويُجاوب، ولا يُفكر ما هو السؤال الثاني ولا ينشغل به، حتى إذا انتهى من السؤال الأول ينتقل للثاني، فإذا انتهى من الثاني ينتقل للثالث.. وهكذا.
يقول رحمه الله تعالى: لأنه إذا قرأ كلَّ الأسئلة دفعة واحدة، يمكن أن يقرأ السؤال الأول ويعرفه فيفرح، ويقرأ الثاني وإذ به يعرفه فيزداد فرحاً، ولكنه عندما قرأ السؤال الثالث وكان لا يعرف الإجابة عليه، فيتشوَّش ويتأثَّر.. وإذا كان يعرف جواب كلِّ الأسئلة فمن شدَّة فرحه صارت المعلومات تختلط عليه.
إذاً: عليه أن يكتب بدءاً من السؤال الأول ويستمرَّ على ترتيب الأسئلة.. والسؤال الذي لا يعرف جوابه، أو يشكُّ في صحَّته، أو لا يتذكَّر تتمَّته، لا ينشغل به؛ بل يترك التفكُّر فيه إلى أن يكتب ما عنده من الأجوبة التي يعرفها، ويُقدِّر ويترك مساحة فارغة تقريبيَّة للجواب؛ وينتقل للسؤال الذي بعده بدون أن ينزعج ويتشوَّش، حتى إذا انتهى من الإجابة على ما يعلم، يعود مرَّة ثانية لمراجعة الأسئلة والأجوبة، ويفكِّر في إتمامها، فيضع القلم ويُفكِّر في السؤال وفي جوابه؛ وبذلك يكون قد كتب الذي يعلمه. أما إذا بدأ يُفكِّر ابتداءً، فرُبما ينتهي الوقت قبل أن يكتب ما يعرفه مما عليه كتابتُه.
وهذه طريقة علمية سمعناها من أهل الله قبل أن نسمعها من علماء التربية.
ويقول العلماء وأهل الاختصاص: إنَّ شعور الطالب بين يدي الامتحان بأنه قد نسي المعلومات وهم يتبادر إلى الذهن، ولا يعني أنه حقيقة نسي المعلومات، ولذا عليه أن يصرف هذا عن ذهنه وأن لا يتفكَّر فيه، وسيرى بإذن الله تعالى عندما يجلس في قاعة الامتحان كلَّما يقرأ سؤالاً يأتي جوابه بإذن الله تعالى.
وكان بعض أساتذتنا يضرب لنا مثالاً على ذلك فيقول:
عندما يقوم الصيدلاني بتفريغ الصناديق التي تأتي فيها الأدوية ويصفُّها في الصيدلية، وربما كانت مئات الأنواع، وكذلك صاحب المحل الذي يقال عنه (سوبر ماركت) عندما تأتي البضائع ويوزِّعها، بعدما يشتغل ويرتِّب لو وقف وحاول أن يتذكَّر أسماء الأدوية أو أسماء البضائع التي عنده ربما لا يتذكَّر خمسة بالمئة منها، ولكن لو طُلِب منه أيُّ نوع منها لبادر مباشرةً إلى الموضع الذي وضعه فيه وجاء به.. وكذلك الطالب والعطار وغيره.
ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظ شباب المسلمين وبنات المسلمين؛ فالمدارس في كلِّ مكان هي من أجل العلم والتربية، ولكن سرى فيها من الفساد ما ضيَّعَ الكثيرَ الكثيرَ من المقصود من هذه المدارس.. نسأل الله أن يحفظنا والمسلمين وشبابهم وبناتهم جميعاً.
وصلى الله تعالى على سيِّدنا محمَّد، وعلى آله وصحبه وسلَّم، والحمد لله ربِّ العالمين.