"قال الله تعالى: { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُم} 1 .
فهم مظهر الرحمة والتواضع للمؤمنين، ومظهر الشدَّة والقهر للمخالفين.
قال تعالى: { الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ ولا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّه } 2 .
وهذه هي أخلاق الله تعالى، وهو أرحم الراحمين، فتعلَّقْ بها ليتجلَّى لك حق اليقين، فضع الأشياء في مواضعها بحكمة.
وتعلَّق بأذيال العارفين، وتعلَّم منهم مواضع الشدة والرحمة.
فيجب عليك أن تكون جبَّاراً على نفسك، شديداً على شيطانك.
معادياً للأشرار 3، يحبك الله الحكيم، ويجعلك خليفة، سالكاً على الصراط المستقيم.
وإيَّاك أن يغرَّك الجهل بالحقائق، فتقول: الكل من الله، وتفعل المعاصي ارتكاناً على أنها بقضاء الله، فإنَّ ذلك منتهى الجهل، لأن الشريعة من الله ، والخروج عن الشريعة سقوط في الجحيم، فتب إلى الله بقلب سليم... .
الإنسان كنـزٌ ثمين
كل ملك من الملوك يجمع ذخائره في كنـزٍ مخصوص، ويدَّخر فيه غالي الجواهر والــدُّرر، ويحفظه من اللصوص، ويجعل عليه طلاسم 4 وأرصادا، ليخفيه عن أعين أهل الفساد.
فمتى عرف الإنسان رمز الكنـز الخافي فاز بجواهره، وعرف مقدار صاحب الكنـز، من الوسعة والحكمة، وما لديه من العطاء والنعمة.
فالله - عزَّ وجلَّ، وهو ملك الملوك الجليل - خلق الإنسان وجعله كنـزاً لأسراره،وجعله أكبر دليلٍ عليه، ادَّخر في قلبه لطائف روحانية، وفي سرِّه عطايا قدسية، وجعل الجسم طلَّسماً ورصداً، حتى لا يفوز به إلا من فكَّ الطلاسم، ووصل إلى جواهر كنـزه ففاز بالغنائم.
ولمَّا خلق الله الإنسان كتب عليه اسم "الله" في غاية البيان، واسمه"الله" ، وذلك في الخمسة أصابع ، فهي تنطق باسم"الله" جلَّ جلاله.
وكتب في كفِّ اليد اليمنى عدد ( 18 ) ، ثمانية عشر بالأرقام الحسابية، وفي اليد اليسرى عدد: ( 81 ) واحد وثمانين، فيكون مجموع العددين تسعاً وتسعون، مشهوداً للعيون.
يعني: أن الله سبحانه وتعالى جمع أسرار أسمائه الحسنى في الإنسان، ولهذا فقد وكَّل الله به حَفَظَةً من الروحانيين، ليحفظوا فيه أسرار ربه المعين... .
فإذا جمعك الله على عارف فكَّ لك الرمز، ودلَّك على ما وراء الجدران من الكنـز، فأنت السعيد الشهيد، الفائز بالولاية لله الحميد المجيد 5... ." اهـ
============== الحاشية ==============
1- : سورة الفتح - الآية 29.
2- : سورة النور - الاية 2.
3- : لأن من قويت نفسه وأشرقت روحه، وعظمت همَّته، صار بالنسبة إلى ما سوى الحق جباراً، لا يلتفت إلى ما سوى الله بكل ما يطلبه في دينه ودنياه.
4- : الطِّلَّسم: بكسر الطاء وشد اللام، وسكون السين المهملة، غير عربي، وكأنه مأخوذ من لغة اليونان. وفي شفاء الغليل:" الطِّلَّسم: لفظ يوناني لم يعرِّبه من يوثق به، وكونه مقلوباً من "مسلط" وهم لا يعتدُّ به. وفي السر المكتوم العقد المنظوم في الطلسمات لأحمد بن أبي الحسن النامقي الجامي المتوفى 536هجرية ما نصه :" هو عبارة عن علم بأحوال تمزيج القوى الفعالة السماوية، بالقوى المنفعلة الأرضية، لأجل التمكن من إظهار ما يخالف العادة، والمنع مما يوافقها، انتهى. انظر: قصد السبيل للمحبي 2/264
5- : وهذا إشارة من الشيخ رضي الله عنه إلى ضرورة صحبة العارفين الصادقين أهل الله المخلصين لأن صحبتهم من أهم أسباب حصول الفتوح والمنوح والرسوخ ، فاللهم اجعلنا في قلب من أحببت من عبادك ومن قال: آمين، يا رب العالمين." اهـ74
(يتبع إن شاء الله تعالى مع: أسمَاءُ الله لا تُحصَى، وَلا تُحصَر.... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات