أبو يزيد البسطامي
أبو يزيد البسطامي
188 - 261 للهجرة
أبو يزيد طيفور بن عيسى البِسْطامِيّ، من الأعلام كان جده مجوسياً وأسلم. وهم ثلاثة إخوة، وطيفور، وعلى. وكلهم زهاد عّباد، وأبو يزيد أجلهم حالا.
مات سنة إحدى وستين، وقيل: سنة اربع وستين ومائتين، عن ثلاث وسبعين سنة.
من كلامه: ما زالت أسوق نفسي إلى الله وهي تبكي، حتى سقها هي تضحك " .
وسئل: " أي شيء وجدت هذه المعرفة؟ " ، فقال: " ببطن جائع، وبدن عارٍ " .
قيل له: " ما اشد ما لقيت في سبيل الله؟ " ، فقال: " ما لا يمكن وصفه! " فقيل له: " فما أهون ما لقيتُه نفسُك منك؟ " فقال: " أما هذا فَنَعم، دعوتُها إلى شيء من الطاعات، فلم تجبني، فمنعتها الماء سنة! " .
وقال أبو تراب: " سألته عن الفقير، هل له وصف؟ " فقال: " نعم!، لا يملك شيئاً، ولا يملكه شيء " .
وقال: " الناس كلهم يهربون من الحساب، ويتجافون عنه، وأنا أسأل الله ان يحاسبني! " ، فقيل: " لَمَ " ، قال: " لعله يقول لي، فيما بين ذلك؛ يا عبدي!، فأقول: لَّبيك!. فقوله لي: يا عبدي!. أحب إلى من الدنيا وما فيها؛ ثم يفعل بي ما يشاء " .
وقال له رجل: " دُلَّني على عمل أتقرب به إلى ربي! " ، فقال: " أحبب أولياء الله ليحبوك، فأن الله تعالى ينظر إلى قلوب أوليائه، فلعله أن ينظر إلى اسمك في قلب وليه، فيغفر لك " .
قال عيسى بن آدم، ابن أخي أبي يزيد: " كان أبو يزيد يعظ بثلاثة أيام، وأكثره بعشرة ايام، وانت - يا نفس - قاعدة منذ عشرين وثلاثين سنة، بعد ما طهرت؟!، متى تطهرين؟!. إن وقوفك بين يدي طاهر، فينبغي ان تكوني طاهرة " .
وروى انه أذن مرة، ثم أراد ان يقيم، فنظر في الصف، فرأى رجلاً عليه اثر سفر، فتقدم أليه فكلمه بشيء، فقام الرجل وخرج من المسجد، فسأله بعض من حضره، فقال الرجل: " كنت في السفر، فلم اجد الماء، فتيممت ونسيت ودخلت المسجد، فقال لي أبو يزيد: لا يجوز التيمم في الحضر!، فذكرت ذلك وخرجت.
وروى انه قال لبعض أصحابه: " قم بنا إلى فلان " ، لرجل قد شهر نفسه بالزهد في ناحية، فقصداه، فرآه أبو يزيد قد خرج من بيته، ودخل المسجد وتفل في قبلة المسجد، فقال أبو يزيد لصاحبه: " هذا الرجل ليس بمأمون على أدب من أداب السنة، كيف يكون مأموناً على ما يدَّعيه من مقامات الأولياء؟! "
وروى ان شقيقا البلخي وأبا تراب قدما عليه فقٌدّمت السفرة، وشاب يخدم أبا يزيد فقالا له: " كل معنا يا فتى! " فقال: " أنا صائم " ، فقال له أبو تراب: " كل ولك اجر صوم شهر " فأبى، فقال له شقيق: " كل، ولك اجر صوم سنه " فأبى فقال أبو يزيد: دعوا من سقط من عين الله! " فاخذ ذلك الشاب في سرقه - بعد سنة - فقطعت يده " .
وقال احمد بن خضريه: " رأيت ربك العزة في المنام، فقال: يا أحمد؟ كل الناس يطلبون مني، إلا أبا يزيد فانه يطلبني " .
ومن شعره:
غرست الحب غرساً في فؤادي ... فلا أسلو إلى يوم التنادي
جربت القلب مني بالاتصال ... فشوقي زائد، والحب بادي
سقاني شرباً أحيا فؤادي ... في كاس الحب، في بحر الودادِ
فلولا الله يحفظ عارفيه ... لهام العارفون بكل وادي
وروي أن يحيى بن معاذ الرازي كتب إلى يزيد: " أني سكرت من كثرة ما شربتُ من كأس محبته " . فكتب اليه أبو يزيد: " غيرك شرب بحور السموات والأرض وما روي بعد، ولسانه خارج، وهو يقول: هل من مزيد؟! " .
وأنشد:
عجبت لمن يقول: ذكرت ربي ... وهل أنسى فأذكر من نسيتُ؟!
شربت الحب، كأساً بعد كأس ... فما نفذ الشرابُ، وما رويتُ
ــــــــ
طبقات الاولياء
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات