نصيحة للمعتمرين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربِّ العالمين.. والصلاة والسلام على سيِّدِنا محمَّدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.
من منهاج أهل الطريق أنه لا بدَّ للسالك من ثلاثة أمور:
أولاً: العلم حتى يصحِّحَ عقيدته وعبادته.
ثانياً: العمل الصالح.
ثالثاً: الإخلاص.. فإذا وُجدت هذه الأمور الثلاثة أثمرت الأخلاق، والتصوُّف كلُّه أخلاق فمن زاد عليك بالأخلاق زاد عليك بالتصوُّف.
قال بعض العارفين:
الحاجُّ والمعتمرُ قسمان:
قسم يخرجُ من بيته ويسافرُ لرؤيةِ البيت والمسجد الحرام، والبلادِ والأراضي والبحار، فهذا سفرُه سيران [يعني نزهة]، وإعانةٌ لحظِّ النفسِ وطغيانِها، فلم يرجعْ إلا ناصراً لعدوِّه، وهي النفس.
وقسمٌ يخرجُ من بيته قاصداً زيارةَ ربِّه الكريم وتلبيةَ دعوته، ولو لم يكن له جلَّ وعلا مكان، فهو سبحانه وتعالى منزَّهٌ عن الزمان والمكان؛ فيخرج متلبِّساً بالعبودية ظاهراً وباطناً، باطنه يقول: أنتَ ذاهبٌ إلى ربٍّ عظيمٍ لا نهايةَ لعظمته وكبريائه، كريمٍ لا نهاية لكرمه، ولا يقبلُ منك إلا العبودية، فاخلعْ لباسَ الملوكِ والرفاهية، والبسْ لباسَ الذُّلِّ والعبودية، المُنبِئةِ عن غايةِ التضرُّعِ والافتقار، راجياً منه أن يثبِّتَكَ ويجعلكَ في حِصنه الحصين.. ولا تنظرْ إلى شيءٍ من حظوظِ النفسِ ذهاباً وإياباً، بل اخلعْ لباسَها، والبَسْ لباسَ الروحِ والعبوديَّةِ حتى تموت، وإن كنتَ ظاهراً لابساً لباسَ الخلق وأنتَ بينهم، فكن مع الحقِّ بالعبودية.
رُوي عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال: (إنَّما جُعل الطوافُ بالبيتِ، وبينَ الصفا والمروةِ ورمي الجمار لإقامةِ ذكرِ الله) أخرجه أبو داود والترمذي نحوه وقال: حديث حسن صحيح.
ويرحم اللهُ الإمامَ الغزالي رضي الله تعالى عنه حيث يقول: فإذا لم يكن في قلبك للمذكورِ الذي هو المقصودُ والمبتغى عظمةٌ ولا هيبة، فما قيمةُ ذكرك!
وكذلك الزيارةُ للحبيبِ الأعظمِ والنبيِّ الأكرمِ صلَّى الله عليه وسلَّم فإنَّها قُربةٌ مشروعةٌ من أعظمِ القرباتِ الموصلةِ إلى ذي الجلالِ والإكرامِ سبحانه وتعالى، ومن أسبابِ استحقاقِ شفاعةِ الحبيبِ الأعظمِ صلَّى الله عليه وسلَّم، وهي بعضُ الوفاءِ لحقِّهِ علينا صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم.. قال الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا}.
ولقد جعل اللهُ تعالى القدومَ إلى حبيبه صلَّى الله عليه وسلَّم باباً من أوسعِ أبوابِ المغفرة، وسبباً لاستحقاقِ الرحمة، وهذا في حياتِهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، وبعدَ انتقالِهِ للرفيقِ الأعلى.
ووصيةُ شيخِنا رحمهُ الله تعالى للحجاجِ والمعتمرينَ أن يَدخلوا الحجَّ بالعبودية والتعظيم، وأن لا ينشغلوا بالخلقِ عن الخالق، وإذا توجَّهوا لزيارةِ النبيِّ عليه الصلاة والسلام فعليهم بكثرةِ الصلاةِ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم مع حفظِ الحُرمةِ والأدبِ وعدمِ الانشغالِ بالخلق؛ ذلك لأنَّ الاشتغالَ بالخلقِ بقدرِ الحاجةِ حقُّ الشريعة، والاشتغالُ بالخلقِ فوقَ الحاجةِ اشتغالٌ فيما لا يعني، ومِن حُسْنِ إسلامِ المرءِ تركُهُ ما لا يعنيه.
هذه وصيةٌ موجزةٌ يَحسُنُ وضعُها بين العينينِ أو في القلبِ عند التوجُّهِ إلى بيتِ الله الحرامِ، وزيارةِ نبيِّه عليه وآله الصلاة والسلام.
وصلى الله تعالى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليماً، والحمد لله ربِّ العالمين.
سيدي الشيخ محمد عبد الله رجو حفظه الله
***
لمتابعة نسيم الرياض:
على الفيسبوك:
https://www.facebook.com/naseemalriad
وعلى التليغرام:
https://t.me/naseemalriad
وعلى تويتر:
https://twitter.com/naseemalriad
وعلى اليوتيوب:
https://youtube.com/@naseemalriad
وعلى الواتساب:
https://whatsapp.com/channel/0029Va5g8PK5vKA2zNJvVo3b