هذه الصلاة لسيدنا الولي الكبير العارف الشهير أبي المواهب الشاذلي رضي الله عنه ألفها ليقرأها الزائرون أمام الحضرة النبوية عند زيارتهم ولا مانع من قراءتها في كل زمان ومكان ويستحضر القارئ أنه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يخاطبه بما فيها من الخطابات فإن صيغة السلام في تحيات الصلاة وهي قول المصلي السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته هي من هذا القبيل خطاب له صلى الله عليه وسلم وقد افتتحها رضي الله عنه بعد البسملة بقوله الحمد لله الذي أرسل إلينا فاتح الدورة الكلية الربانية الإلهية القدسية. بالخاتمة العنبرية الندية المسكية الخاصة العامة المحمدية الكاملة المكملة الأحمدية. اللهم فصل على هذه الحضرة النبوية الخ. فينبغي لمن قرأها أن يضم لها هذه الحمدلة وإنما حذفتها من أولها لتكون هذه الصلوات على نسق واحد ولا بأس بذكر نبذة من أحوال مؤلفها ليعرف قدرها بمعرفة قدره مع أن جميع ما أذكره عنه لا يخرج عن مقصود هذا الكتاب من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وما يناسبها. قال سيدنا ومولانا الشيخ عبد الوهاب الشعراني في طبقاته ومنهم سيدي الشيخ محمد أبي المواهب الشاذلي رضي الله تعالى عنه كان من الظرفاء الأجلاء الأخيار والعلماء الراسخين الأبرار أعطي رضي الله عنه ناطقة سيدي علي أبي الوفاء وعمل الموشحات الربانية وألّف الكتب الفائقة اللدنية وله كتاب القانون في علوم الطائفة وهو كتاب بديع لم يولف مثله يشهد لصاحبه بالذوق الكامل في الطريق وذكر له حكماً كثيرة ومعارف غزيرة تدل على علو مقامه ثم قال. وكان رضي الله عنه كثير الرؤيا بالرسول صلى الله عليه وسلم وكان يقول قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن الناس يكذبوني في صحة رؤيتي لك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعزة الله وعظمته من لم يؤمن بها أو كذبك فيها لا يموت إلا يهودياً أو نصرانياً أو مجوسياً هذا منقول من خط الشيخ أبي المواهب رضي الله تعالى عنه. وكان رضي الله عنه يقول رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على سطح الجامع الأزهر عام خمسة وعشرين وثمانمائة فوضع يده على قلبي وقال يا ولدي الغيبة حرام ألم تسمع قول الله تعالى ولا يغتب بعضكم بعضاً وكان قد دلس عندي جماعة فاغتابوا بعض الناس ثم قال لي صلى الله عليه وسلم فإن كان ولا بد من سماعتك غيبة الناس فاقرأ سورة الإخلاص والمعوذتين وأهد ثوابها للمغتاب فإن الغيبة والثواب يتوافقان. وكان رضي الله عنه يقول رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فقال لي قل عند النوم أعوذ بالله من الشيطان الرجيم خمساً بسم الله الرحمن الرحيم خمساً ثم قال اللهم بحق محمد أرني وجه محمد حالاً ومآلاً فإذا قلتها عند النوم فإني آتي إليك ولا أتخلف عنك أصلاً ثم قال وما أحسنها من رقية ومن معنى لمن آمن به هذا منقول من لفظه رضي الله عنه. وكان رضي الله عنه يقول رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله لا تدعني فقال لا ندعك حتى ترد عليّ الكوثر وتشرب منه لأَنك تقرأ سورة الكوثر وتصلي عليّ أما ثواب الصلاة فقد وهبته لك وأما ثواب الكوثر فأبقه لك ثم قال ولا تدع أن تقول استغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه وأسأله التوبة والمغفرة إنه هو التواب الرحيم مهما رأيت عملك أو وقع خلل في كلامك هذا منقول من لفظه رضي الله عنه. وكان رضي الله عنه يقول رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي أنت تشفع لمائة ألف قلت له بم استوجبت ذلك يا رسول الله قال بإعطائك لي ثواب الصلاة عليّ. وكان رضي الله عنه يقول استعجبت مرة في صلاتي عليه صلى الله عليه وسلم لأكمل وردي وكان ألفاً فقال لي صلى الله عليه وسلم أما علمت أن العجلة من الشيطان ثم قال قل اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد بتمهل وترتيل إلا إذا ضاق الوقت فما عليك إذا عجلت ثم قال وهذا الذي ذكرته لك على جهة الأفضل وإلا فكيفما صليت فهي صلاة والأحسن أن تبتدىء بالصلاة التامة أول صلاتك ولو مرة واحدة وكذلك في آخرها تختم بها قال لي صلى الله عليه وسلم والصلاة التامة هي اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته هذا منقول من لفظه رضي الله عنه. وكان رضي الله عنه يقول رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي إن شيخك أبا سعيد الصفروي يصلي عليّ الصلاة التامة ويكثر منها وقل له إذا ختم الصلاة أن يحمد الله عز وجل. وكان رضي الله عنه يقول رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال إذا كان لك حاجة وأردت قضاءها فانذر لنفيسة الطاهرة ولو فلسا فإن حاجتك تقضى. وكان رضي الله عنه يقول وقع بيني وبين شخص من الجامع الأزهر مجادلة في قول صاحب البردة رحمه الله تعالى.
وإنه خير خلق الله كلهم
فمبلغ العلم فيه إنه بشر
وقال لي ليس له دليل على ذلك فقلت له قد انعقد الإجماع على ذلك فلم يرجع فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر وعمر جالساً عند منبر الجامع الأزهر وقال لي مرحباً بحبيبنا ثم قال لأصحابه أتدرون ما حد\ث اليوم قالوا لا يا رسول الله فقال إن فلاناً التعيس يعتقد أن الملائكة أفضل مني فقالوا بأجمعهم لا يا رسول الله فقال لهم ما بال فلان التعيس الذي لا يعيش وإن عاش عاش ذليلاً خمولاً مضيقاً عليه خامل الذكر في الدنيا والآخرة يعتقد أن الإجماع لم يقع على تفضيلي إما علم أن مخالفة المعتزلة لأهل السنة لا تقدح في الإجماع. قال رضي الله عنه ورأيته صلى الله عليه وسلم مرة أخرى فقلت يا رسول الله قول الأبوصيريلغ العلم فيه أنه بشر. معناه هذا منتهى العلم فيك عند من لا علم عنده بحقيقتك إنك بشر وإلا فأنت وراء ذلك كله بالروح القدسي والقالب النبوي قال صلى الله عليه وسلم صدقت وفهمت مرادك. وكان رضي الله عنه يقول رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله قد وهبتك ثواب صلاتي عليك وثواب كذا كذا من أعمالي إن كان ذلك ما أردته بقولك للسائل الذي قال لك أفأجعل لك ثواب صلاتي كلها فقلت له إذن تكفى همك ويغفر لك ذنبك فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم ذلك أردت ولكن أبق لنفسك ثواب الكذا والكذا فإني غنيٌ عنه. وكان رضي الله عنه يقول رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبل فمي وقال أقبل هذا الفم الذي يصلي عليٌ ألفاً بالنهار وألفاً بالليل ثم قال لي وما أحسن إنّا أعطيناك الكوثر لو كانت وردك بالليل ثم قال لي ويكون دعاؤك اللهم فرج كرباتنا اللهم أقل عثراتنا اللهم اغفر زلاتنا وتصلي عليٌ وتقول وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين. وكان رضي الله عنه يقول رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله صلاة الله تعالى عشراً على من صلى عليك مرة واحدة هل ذلك لمن كان حاضر القلب قال لا بل هو لكل مصل عليّ غافلاً ويعطيه الله تعالى أمثال الجبال من الملائكة تدعو له وتستغفر له وأما إذا كان حاضر القلب فيها فلا يعلم ذلك إلا الله. وكان رضي الله عنه يقول قلت مرة في مجلس محمد بشر لا كالبشر. بل هو ياقوت بين الحجر. فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي قد غفر الله لك ولكل من قالها معك وكان رضي الله عنه لم يزل يقولها في كل مجلس إلى أن مات. وكان رضي الله عنه يقول رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي عن نفسه لست بميت وإنما موتي عبارة عن تستري عمن لا يفقه عن الله وأما من يفقه عن الله فها أنا أراه وهو يراه. ورأى بعض العارفين رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً في مكان فدخل عليه الشيخ أبو المواهب فقام له صلى الله عليه وسلم فقصّ ذلك على سيدي أبي المواهب فقال له يا فلان اكتم ما معك فإن النبي صلى الله عليه وسلم هو روح الوجود وما قام لأحد إلا قام له الوجود. وكان رضي الله عنه يقول من أراد أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم فليكثر من ذكره ليلاً ونهاراً مع محبته في السادة الأولياء وإلا فباب الرؤيا عنه مسدود لأنهم سادات الناس وربنا يغضب لغضبهم وكذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان رضي الله عنه يقول بلغنا أنه يؤتى بمن اسمه محمد يوم القيامة فيقول الله له أما استحيت إذ عصيتني وأنت سميّ حبيبي لكن أنا أستحي أن أعذبك وأنت سميّ حبيبي اذهب فأدخل الجنة انتهى. ملخصاً. وقد ترجمه رضي الله عنه بترجمة حافلة بيّن فيها أحواله الجميلة ومعارفه الجليلة ونقل عنه فوائد نافعة وعلوماً ساطعة فمن أرادها فليرجع إليها وإنما نقلت هنا ما يناسب المقام مما له تعلق برسول الله والصلاة عليه عليه الصلاة والسلام.