"العطفة" أخت الرجال ومحور القتال
محمد الحسين
لقبائل البادية عادات وتقاليد في أفراحهم وأحزانهم وكل تفاصيل حياتهم، حتى أصبحت عرفاً لابد من العمل به وإلا أصبحوا خارج دائرة تلك العادات والتقاليد، ومن الأعراف التي عمل بها العرب أثناء خوضهم الحروب مع القبائل الأخرى في البادية هي "العطفة" وهي تخص النساء دون الرجال وتخص بالذات الفتاة المميزة في القبيلة .

ولتسليط الضوء على هذه الفتاة التي ضحت في سبيل أهلها وذويها التقى esyria الباحث "عيدان العمران" والذي بدأ بالقول:«" العطفة" هي المرأة المميزة في القبيلة من حيث الذكاء وطلاقة اللسان، ومن شروطها أيضاً أن تكون الفتاة عذراء وقد تكون أبنة شيخ القبيلة ولايشترط ذلك إن لم تتوفر فيها صفة الذكاء، ويستخدم العرب "العطفة" أثناء خوضهم الحروب مع خصومهم في البادية، حيث يركبون المرأة على جمل وعليه هودج مكشوف بدون غطاء ليراها جميع أفراد القبيلة، وتذهب معهم إلى أرض المعركة وأثناء القتال يجتمع جميع الأفراد المقاتلين حولها لحمايتها ومنع أسرها من قبل الأعداء، طبعاً في هذه الحالة تقوم "العطفة" بإطلاق الأهازيج الحماسية والتي تزيد من شدة القتال والحماس عند أفراد قبيلتها والغاية منها هو الدفاع المستميت عن شرفهم حتى الموت ومنع وقوعها في الأسر من قبل الطرف الأخر ».
وأضاف"العمران" بالقول:« ومن تقاليد البدو أنه متى أسرت "العطفة" انكسرت القبيلة واضطرت إلى أن ترضخ لخصومها وتسلم لهم بالتفوق والغلبة ولا ترد العطفة، ولايعود للقبيلة المغلوبة حق في حيازة عطفة أخرى، ولاتعاد بعد أسرها إلى قبيلتها



هودج العطفة
إن لم يتم التفاوض عليها وإلا ستبقى في الأسر، أما من الناحية العسكرية تعتبر"العطفة" المحور والمحرك الأساسي للمعركة، فالطرفين يجتمعان حولها، أبناء قومها يدافعون عنها بشراسة خوفاً من أسرها والأعداء يتربصون بها، وعادةً الفارس الذي يحظى بفتاة العطفة، وذلك يكون بعد مرحلة طويلة من سفك الدماء حولها يحق له الزواج بها أو قد يتزوجها عكيد الحرب أو شيخها، أحياناً تقتل فتاة العطفة إما بسبب طلق ناري طائش أو رأس رمح كان يضرب أحد أبناء عشيرتها، أو في أحيان نادرة قد يعمد أحد أفراد العشيرة المعادية إلى قتلها ليضمن فتور همة الرجال حول العطفة، وبذلك يتمكن العدو منهم، إن "العطفة" من عادات القبائل في الحروب وقد يكون في السابق لكل قبيلة عطفة أو لبعض القبائل دون بعض وبغض النظر عن ذلك فإن معظم القبائل فقدت هذه الفتاة ولم تحافظ على عطفتها وملكتها إلى اليوم ولم يعد لها وجود وأخر أيامها كان زمن الاحتلال العثماني، وذلك لاندثار الحروب بين القبائل، ومن أشهر القبائل العربية التي التي اعتبرت العطفة شيء مقدس لديها هي قبيلة "الرولة" العربية والتي



اثناء تجهيز هودج العطفة للمسير
لازالوا يحافظون على مركبها إلى يومنا هذا ».
عمر ابن كلثوم قال فيها:
على آثارنا بيض كرام / نحاذر أن تفارق أو تهونا
أخذن على بعولتهن عهداً / إذا لاقوا كتائب معلمينا
ليستلبن أبداناً وبيضاً / وأسرى في الحديد مقرنينا
وذكرت" الليدي آن بلنت" في كتابها قبائل بدو الفرات معرفةً "العطفة" بالقول:« هودج من الخيزران مزين بريش النعام ويشد على جمل وفيه تجلس أبنة عكيد القوم أو فتاة جميلة من القبيلة طليقة اللسان، تنشد وتزغرد للمحاربين وتحضهم على القتال، وأنه من يخسر "العطفة" ويوقعها بيد العدو لايمكن أن يتخذ عطفة بدلها مالم يستردها أو يأخذ عطفة من الأعداء، وكثيراً ماتكثر الضحايا حولها حتى النصر أو الموت».
"حمود العبدالله" طالب بجامعة الفرات قال:« سمعت عن "العطفة" الكثير والتي يعتبرها البدو المنجي الوحيد لهم في معاركهم وذلك بسبب الحماس الذي تزرعه في قلوب المقاتلين، وقد مثلت دور العطفة الفنانة السورية "مرح جبر" في المسلسل البدوي "وضحى وابن عجلان" وكان لهذا المسلسل الدور الأكبر بتعريف المجتمع على الدور الكبير الذي تقوم به المرأة في أرض

الباحث عيدان العمران
المعركة التي يتم اختيارها من قبل القبيلة للقيام بهذه المهمة مقدمة روحها ضحية لنصرة قبيلتها ».
السيدة "فاطمة الجاسم" تحدثت عن "العطفة" بالقول:« هي من الفتيات ذوات القلوب الفولاذية والتي لاتهاب الموت، تزيد من عزيمة الرجال وحماسهم حتى يذودوا بالدفاع عنها حتى الموت، لأنها من بدأ بالتضحية ».
**مراجع تم الرجوع إليها
*قبائل بدو الفرات للرحالة البريطانية الليدي آن بلنت 1878م، الصفحة 390.