سيدي عبد الرحمن بن عياد بن يعقوب بن سلامة الصنهاجي الدكالي المجذوب
أبو زيد عبد الرحمن بن عياد بن يعقوب بن سلامة الصنهاجي الدكالي المجذوب
الولي الكامل، العارف الواصل، عالي المقامات، وصاحب الكرامات، ذو الخصائص والمآثر العديدة، والمناقب والمفاخر الحميدة، والإشارة السنية، والهمة العلية، قطب زمانه في الأحوال، وممد فحول الرجال، شيخ عصره، وأعجوبة دهره، أحد الأوتاد الأربعة؛ أبو زيد (أبو محمد) عبد الرحمن بن عياد بن يعقوب بن سلامة بن خشان الصنهاجي الأصل ثم الفرجي الدكالي , و لقب المجذوب جعله له أهل زمانه , فكان صوفيا زاهدا عظيم الحال، باهر الخوارق، كثير الكرامات؛ بحيث عزت عن الحصر، وملأت الوجود، غزير المكاشفات. وكانت له الإغاثة في البر والبحر، ويمشي بالخطوة، حتى كان يقف في كل سنة بعرفات، وكان يجري في كلامه الإخبار عن اللوح المحفوظ ورؤية ما به.
ينحدر الشيخ سيدي عبد الرحمان المجذوب من أسرة كبيرة معروفة بالخير والصلاح كانت تقطن برباط عين الفطر بساحل بلدة آزمور وتعرف هذه المنطقة أيضا ب" تيط "التي هي في شمال المرسى الجديدة على ساحل المحيط الأطلسي.
ثم إنتقل هو ووالده إلى نواحي مكناسة الزيتون (مكناس) و تغيرت أحوال الشيخ المجذوب بعد أن حظر الدروس بجامع القرويين بفاس فترك الإعتناء بشؤون الدنيا و ساح في الأرض لابسا أحقر الثياب واعظا و مرشدا و مصرحا بما ينفع العباد وكان دائم التنقل بين المداشر والقرى ناشرا العلم والمعرفة.
وكان سيدي عبد الرحمن المجذوب صعب التربية لا يطيق أحد منه ذلك ولم يصبر عليها غير سيدي يوسف فكان يمتحنه بالأمور العظام فيقف ويثبته الله تعالى . ويذكر أنه عندما تزوج سيدي يوسف جاءه وأجلسه في بيت الزفاف وهو مزين مفروش فقال للحاضرين إيتوني بحطب فأتوه به فأوقد النار في ذلك البيت ليصطلي بها وكثر الدخان وغص الناس به وجعل ينظر إلى سيدي يوسف فلم يتغير لذلك فقال له سر معي فسار معه حتى وصل بيته فتركه به وسلط عليه الحمى الباردة فبقي على حالته كذلك أربعين يوماً فلما أتمها أخرجه وقال قم إلى أهلك.
وكان يرث المشايخ في وقته؛ وأول من ورث شيخه سيدي علي الصنهاجي ويقال: إنه إنما لقيه الشيخ المجذوب مرة واحدة فقط، عند مسجد القرويين من فاس وسيدي أبي رعين وسيدي عمر الخطاب الزرهوني رضي الله عنه وعن المشايخ قاطبة وآخر من ورث سيدي عمر اللواح السويفي. وكان صاحب ملامة كما كان شيخه سيدي علي الصنهاجي، وشيخ شيخه سيدي إبراهيم آفحام فكانت تجري على ظاهره أمور توحش الخلق؛ فيتنافرون عنه، وينكرون عليه بسببها، وهي في حقيقتها صواب، وصادرة من عين الجمع.
وكان يوصي بعدم الاقتداء به فيما يخرج به عما يعرفونه من ظاهر الشريعة، مما يجبره عليه وارد الحقيقة، وكان مردودا عليه للشريعة، مترسما برسمها، مقيما لوظائفها، سؤولا عنها، متبعا للسنة، عاملا بها. ومناقبه كثيرة، وفضائله وأحواله وأخباره لا تنحصر، حتى إنها أفردت بالتأليف.
عاش مدة بالهبط الغرب و لما حل به مرض عضال وهو بداره ببوزيري ببلاد مصمودة و أحس بقرب الأجل أمر مريديه بالعودة به إلى مكناس فتوفي في الطريق بمجشر فرقاشة بجبل عوف بين ورغة و واد سبو وسط ليلة الجمعة موافقا لليلة عيد الأضحى فدفن بخارج باب عيسى من مدينة مكناسة الزيتون بجوار قبر سيدي عمران ابن موسى، و ضريح السلطان مولاي إسماعيل وذلك ضحوة يوم الأحد الثاني عشر من ذي الحجة عام ستة وسبعين وتسعمائة (976 هـ) الموافق لـ 1568 م. وكان في أيام حياته وقف بمكناسة على قبر سيدي عمران بن موسى المجاور له هناك فأخذ وتدا ودقه حيث قبره الآن وقال هنا نعمر على سيدي عمران فلما حفروا له وجدوا الوتد بحاله عن غير قصد منهم ولا علم بالوتد وكان ذلك منه إشارة إلى أنه أحد الأربعة أوتاد.
ترك من الأزجال ذخيرة (خصوصا مايعرف "بالرباعيات") لا زالت تحتفظ بها الذاكرة الشعبية إلى عصرنا هذا
المرجع:
رباعيات عبد الرحمن المجذوب, نشر المطبعة الثعالبية بالجزائر لصاحبها أحمد مراد التركي
متع الأسماع في ذكر الجزولي والتباع لمحمد المهدي الفاسي ط ، حجرية متواجدة بخزانة الجامع الكبير بمدينة مكناس
رباعيات و حكم سيدي عبد الرحمن المجذوب
يا صَاحب كُن صَبـار اصبر على ما جرَى لَك
أرقد علَى الشُوك عريان حَتّى يَطلع نهاركُ
نرقد على الشوك عريان و نضحك للي جفاني
نصبر لتعوس الأيام حتى ياتي زماني
لا تْخَمّمْ لا تْدَبَر لا تَرْفَدْ الهَمْ دِيمَة
الفَلك ما هُو مْسَمّر و لا الدُّنْيا مْقِيمَة
يَازَارَعْ الخيْر حبّة يَازَارَعْ الشَّرّْ يَاسَـرْ
مولى الخير ينبا و مولى الشر خاسر
لا تخمم في ضيق الحال شف عند الله ماوسعها
الشدة تهزم الأرذال أما الرجال لا تقطعها
من يامنك يا كحل الراس ما شينك بطبيعة
السن يضحك للسن و القلب فيه الخديعة
سافر تعرف الناس و كبير القوم طيعه
كبير الكرش و الراس بنص فلس بيعه
طاقوا على الدين تركوه و تعاونوا على شريب القهاوي
الثوب من فوق نقوه و الجبح من تحت خاوي
لا تسرج حتى تلجم و اعقد عقدة صحيحة
لا تتكلم ختى تخمم لا تعود لك فضيحة
الصمت الذهب المسجر و الكلام يفسد المسالة
إذا شفت لا تخبر و إذا سالوك قول لا لا
نوصيك يا واكل الراس في البير ارم عظامه
أضحك و ألعب مع الناس فمك متن له لجامه
يا ذا الزمان يا الغدار يا كاسرني من ذراعي
طيحت من كان سلطان و ركبت من كان راعي
الشاشية تطبع الراس الوجه تضويه الحسانة
المكسي يقعد مع الناس العريان نوضوه من الجماعه
الشر ما يظلم حد غير من جبده لراسه
في الشتاء يقول البرد و في الصيف يغلبه نعاسه
يا الي تعيط قدام الباب عيط و كن فاهم
ما يفسد بين الاحباب غير النساء و الدراهم
لا يعجبك نوار الدفلى في الواد داير الظلايل
لا يعجبك زين الطفلة حتى تشوف الفعايل
حيط الرمل لا تعليه يعلى يرجع لساسه
ابن الغير لا تربيه يكبر و يرجع لناسه
الخيل هبة من الريح و الإبل هي الشريفة
البغال قرصة من الهند و الحمار هو العيفة
ألي يركب يركب أشهب طرز الذهب في لجامه
ألي يدور يقول كلمة الحق يدير هراوة في حزامه
أنا الي رقيت في رقوبة و قعدت مثل الرصاص نذوب
من لا يقرأ للزمان عقوبة يجي على راسه مكبوب
الدنيا مثلتها دلاعة تتكركب مع جميع الدلاع
الحاذق يعطي معها ساعة و الجايح غدا معها قاع
جحش البغل لا تغنجه و بالزيت تدهن جلوده
الصك و العض فيه هذيك عادة جدوده
كيد النساء كيدين و من كيدهم ياحزوني
راكبة على ظهر السبع و تقول الحداء ياكلوني
تخلطت و لابغات تصفى و لعب خزها فوق ماها
رياس على غير مرتبة هما سبب خلاها
من خالط الاجواد جاد بجودهم و من خالط الارذال زاد عناه
و من جاور برمة انطلى بحمومها و من جاور صابون جاب نقاه
الكاتبة تنادي و معها الخير و لو كان من بعيد تجيها
و الخاطي عليك من يديك يطير رزقك من قبل ما هو فيها
ما كان كالحرث تجارة ما كان كالأم حبيب
ما كان كالشر خسارة ما كان كالدين طليب
لا في الجبل واد معلوم و لا في الشتاء ريح دافي
لا في العدو قلب مرحوم و لا في النساء عهد وافي
الزيت يخرج من الزيتونة و الفاهم يفهم لغات الطير
ألي ما تخرج كلمته ميزونة يجحرها في ضميره خير
شافوني أكحل مغلف يحسبوا ما في ذخيرة
و أنا كالكتاب المؤلف فيه منافع كثيرة
كسبت في الدهر معزة و جبت كلام رباعي
من ذا الي أعطاه ربي و يقول أعطاني ذراعي
الهم يستهل الغم و السترة ليه مليحة
رد الجلدة على الجرح تبرا و تولي صحيحة
نوصيك يا حارث الشيح و الشيح فيه مرورة
الي تظن وتقطع عليه تأتيك منه الضرورة
نوصيك يا حارث الدوم و الدوم كثروا انفاعه
الدم ما ينقع الدم يا ويح من خانه دراعه
أنا الي كنت ثقيل و رزين و خفيت بعد الرزانة
مشيت للرماد عامين ندور فيه السخانة
عميت و صميت و خفيت بعد الرزانة
واش كانوا عامين نستنى فيهم السخانة
عيطت عيطة حنينة فيقت من كان نايم
نهضوا قلوب المحبة و رقدوا قلوب البهايم
اللفت ولات شحمة و تنباع بالسوم الغالي
في القلوب ما بقات رحمة شفت حالي يا العالي
مزين النسا بضحات لو كان فيها ايدوموا
الحوت ايعوم في الما و هما بلا ما ايعوموا
فاعل الخير هنية بالفرح و الشكر ديما
و فاعل الشر خلية فعله يرجع له غريمة
الأرض فدان ربي و الخلق مجموع فيهى
عزريل حصاد فريد مطامره في كل جهة
كل مهذار مسوس يجيب الهليكة لرأسه
و يستهل ضربة بموس حتى يبانوا ضراسه
ضربوه يستهل الضرب و الطريحة معمول عليها
هذا جزا من يوسع على الناس و نفسه يضيق عليها
رجل بلا مال محقور في الدنيا ما يسوي شي
المشرار كالدلو المقعور يوصل للماء يرجع بلا شي
نخدم على المال و نطيح و المل بيت الطناخة
رجل بلا مال كالريح مشرار و أحب المشيخة
ضربت كفي لكفي و خممت في الأرض ساعة
صبت قلة الشي ترشي و تنهض من الجماعة
عن موقع أحباب الشيخ أحمد العلوي
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
التعديل الأخير تم بواسطة عبدالقادر حمود ; 05-09-2011 الساعة 05:46 PM