أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعملت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت           

إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 07-25-2010
  #1
ابو معاويه
الفقير الى الله
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 181
معدل تقييم المستوى: 16
ابو معاويه is on a distinguished road
3 إسراء بين قبلتين ومعراج سماوي

في عصر الجمل سفينة الصحراء كانت رحلة الإسراء والمعراج في سرعة فائقة في الزمان والمكان، حتى عاد الحبيب صلى الله عليه وسلم منها دون أن يبرد فراشه كما روى البخاري بسنده عن أم هانئ رضي الله عنها . . في ذلك العصر قطعت المسافة من المدينة إلى المسجد الأقصى في ثوان ومن الأقصى إلى السموات العلا في ثوان، وكانت العودة الحميدة، وإذاعة أنباء الرحلة في الصباح، ولم يكن أحد يصدق إلا من آمن بالمعجزة الإلهية، والوحي الرباني، والقدرة التي لا يحدها شيء .


لقد أراد الله تعالى في ذلك الزمن البدائي أن تكون معجزة النبي صلى الله عليه وسلم أبد الدهر أسبق من كل تكنولوجيا الاتصالات والفضائيات، فسألوه عن صفات المسجد الأقصى وهم يعلمون أنه ما ذهب إليه في تاريخه قبل البعثة، فتجلى الأقصى مكانا وشمالا وجنوبا وشرقا وغربا في شاشة لا يراها إلا النبي صلى الله عليه وسلم، وبهت الجميع لهذا الوصف الدقيق . هكذا المؤمن لا يبهر إلا بالحقائق وهي وحدها في مكنون القرآن وصحيح السنن، وصريح العقول الراشدة .


ولأهمية الزمن في حياة الأمة لم يترك الله تعالى أمر تعيينه مطلقا، بل ولا كذلك تخصيص بعضه من بعض، تفضيلا وذكرا، للنبي محمد صلى الله عليه وسلم . . . لهذا حفل الإسلام بالوقت كثيرا . ولا غرو فالوقت هو الحياة والحياة هي الشوط الحاسم المفضي إلى الخلود . ولأمر ما خص الله الزمن ببركات وأسبغ على بعضه فيوضات رحمانية، ولعل من المقاصد البارزة في تفضيل بعض الأوقات على بعض مراعاة ضعف الإنسان وجنوحه للفتور أحيانا، بحكم فطرته وتكوينه، ومراعاة كذلك لظروف حياته، وتقلبات سعيه من حاجة إلى المعاش حيناً وإلى اللذة أحياناً .


رسالة المسجد


إن ربط أحداث الرحلة في بدايتها ونهايتها بالمسجد، نتيجة لافتة ولاشك . . فالخروج من مسجد وإلى مسجد لتعلم الأمة قيمة المساجد ومكانتها في الإسلام، فهو بيت الأمة الذي اهتم به رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- في بداية بناء دولة الإسلام، فالمسجد له مكانته وله دوره في الإسلام .


فلا بد أن يعود دور المسجد ورسالة المسجد حتى يتخرج فيه الرجال الذين يحملون دعوة الله ويبلغون رسالة الله الذين قال الحق فيهم: “فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُو وَالآصَالِ (36) رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقَامِ الصلاةِ وَإِيتَاءِ الزكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ (37) لِيَجْزِيَهُمْ اللهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (38)” .


والنبي صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث القدسي الذي يرويه عن رب العزة: “بيوتي في الأرض المساجد، وزوارها عُمارها، فطوبى لعبدٍ تطهر في بيته ثم زارني في بيتي فكان حقاً على المزور أن يُكرم زائره” .


أراد الله تبارك وتعالى أن يربط بين المسجدين، المسجد الذي ابتدأ منه الإسراء، والمسجد الذي انتهى إليه الإسراء، من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، أراد الله عز وجل أن يرتبط في وجدان المسلم هذان المسجدان، المسجد الحرام والمسجد الأقصى، وأراد الله أن يثبت المسجد الأقصى بقوله “الذي باركنا حوله”، فالله سبحانه وصف هذا المسجد بالبركة، قبل أن يوجد مسجد رسول الله (صلى الله عليه وسلم)؛ لأن المسجد النبوي لم ينشأ إلا بعد الهجرة، إلى المدينة .


لقد أراد الله أن يوطد هذا المعنى ويثبته في عقول الأمة وقلوبها، حتى لا يفرطوا في أحد المسجدين، فمن فرط في المسجد الأقصى أوشك أن يفرط في المسجد الحرام . المسجد الأقصى الذي ارتبط بالإسراء والمعراج، صلى إليه المسلمون، حينما فرضت الصلاة، ثلاث سنين في مكة وستة عشر شهراً في المدينة، قبلة المسلمين الأولى، وهو المسجد الذي لا تشد الرحال إلا إليه وإلى المسجد الحرام والمسجد النبوي، وبهذا كانت القدس هي المدينة الثالثة المعظمة في الإسلام بعد مكة والمدينة .


يقول صاحب الظلال سيد قطب، رحمه الله: “والرحلة من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى رحلة مختارة من اللطيف الخبير، تربط بين عقائد التوحيد الكبرى من لدن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، إلى محمد خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم، وتربط بين الأماكن المقدسة لديانات التوحيد جميعًا، وكأنما أريد بهذه الرحلة العجيبة إعلان وراثة الرسول الأخير لمقدسات الرسل قبله، واشتمال رسالته على هذه المقدسات، وارتباط رسالته بها جميعًا، فهي رحلة ترمز إلى أبعد من حدود الزمان والمكان، وتشمل آماداً وآفاقًا أوسع من الزمان والمكان، وتتضمن معاني أكبر من المعاني القريبة التي تتكشف عنها للنظرة الأولى” .


نقطة تحول كبرى


ومن المعلوم أن حادثة الإسراء والمعراج حدثت قبل سبعة عشر شهرا من الهجرة ومن وحيها يمكن أن نستخلص بعض العبر والحكم وذلك هومراد الله منا جميعا في كل مشاهد التاريخ الغابر .


ذكر الله تعالى الحادثة في سورتين فحسب وهما سورة الإسراء التي كان يسميها بعض الصحابة سورة بني إسرائيل ولكن بآية واحدة افتتح بها السورة، أما في السورة الأخرى وهي النجم فقد تحدث في بدايتها ببضع آيات قصيرة متتالية عن المعراج بينما فصلت السيرة النبوية كثيرا من أحداثها .


الإسراء والمعراج نقطة تحول كبرى في مجمل أحداث السيرة النبوية بأسرها وهو تحول مؤداه الأصلي الكبير أن مرحلة الاستضعاف أشرفت على الأفول طاوية معها عذابات ودماء وعناءات أخرى كثيرة أهمها هجرتان إلى الحبشة ورحلة إلى الطائف وحصار اجتماعي واقتصادي شامل لف العائلة الهاشمية مؤمنها وكافرها وموت السندين الكبيرين: خديجة رضي الله عنها والعم أبي طالب . . . وتدشين مرحلة أخرى جديدة تتطلب التمسك بالأمل واليقين والثقة كما تتطلب التأهل عبر الصلاة والعدل مع كل الناس . . . فكان لا بد للفصل بين مرحلتي الاستضعاف والتمكين من هجرة كريمة عظيمة إلى السماء لاستمداد الصبر وامتلاء الفؤاد بنور آيات لا يبهت وهي هجرة تمكن لهجرة قادمة في الأرض ستحول الدنيا بأسرها إلى دولة الإسلام .


معراج يومي


فرض الصلاة في حادثة الإسراء والمعراج يعني أن الصلاة بما هي معراج يومي إلى الله مصدر التقوية والتغذية والتثبيت والتمكين ومعالجة الابتلاءات وبما هي وسيلة شرعية ثابتة موقوفة لتحرير الإنسان من سائر الطواغيت الداخلية والخارجية في النفس وفي البيئة فهي محطة يومية أكيدة وضرورية للإنسان فيها يتزود بالطاقة الكفيلة بأحكام سيره وتقرير مصيره على أحسن وجه ممكن فالصلاة في الحقيقة لا تنتظر حتى يهاجر الناس إلى المدينة فلا بد من التلبس بها وبفضائلها منذ اللحظة، والصلاة ليست شأنا خاصا يأتيه من أراد من الناس الذين قبلوا طواعية الدخول في الإسلام ويهجره من شاء منهم بل هي شعيرتهم الاجتماعية الأولى عليها يلتقون ولو ثلة منهم في الغداة قبل انبلاج صبح يوم جديد لا يدري الإنسان ما فيه من خير أو شر وعليها يجتمعون بعد ذلك أربع مرات أخرى بعد الفراغ من قضاء المآرب اليومية وعليهم كذلك عدم الانحباس في دائرة صورها وأشكالها وحركاتها وتمتماتها بل النفاذ من وراء ذلك كله إلى حكمها وتمثلها في حياتهم بأسرها حتى إن الصلاة بحق هي مدرسة الحياة الحقيقية فهي تعلم التحضر والترقي الآدمي عبر الطهارة والنظافة وخلال الفطرة وهي تعلم التمدن الاجتماعي عبر أدائها في الجماعات وفي المساجد وهي تعلم الشورى والحرية والنصيحة والمواساة وتفقد أحوال الناس من جيران وغيرهم عبر صلوات الجماعة المفروضة علينا وهي بالخلاصة مدرسة يومية وأسبوعية وسنوية عدا مناسبات أخرى خاصة كالجنائز وما إليها يحتضنها الحي أو القرية أو المدينة تضم الجيران وأهل العشيرة أو المهنة .


قيادة الإسلام للإنسانية


لا شك في أن الربط في الإسراء بين أقدم معلمين في الدين والتاريخ البشريين وهما المسجد الحرام والمسجد الأقصى له أبعاد لا تحصى لعل أبرزها أن الإمامة القديمة بقيادة بني إسرائيل لم تعد صالحة بحكم تورطها في الظلم المنافي لسنن الكون وأسباب الخلق إذ لا يليق بقوم قتلوا الأنبياء وعبدوا العجل وبدلوا نعمة الله عليهم كفرا واحتالوا على شريعة ربهم للتملص من تكاليفها أن يكونوا شهودا على الناس ولا أئمة لهم ولم تعد بعد ذلك نسبتهم إلى شيخ الأنبياء إبراهيم عليه الصلاة والسلام وتمسكهم بتلك المشروعية زوراً وكذباً ذات صدقية فكان لا بد من إخراج أمة أخرى جديدة تبتلى هي الأخرى بأمانة كلمة الله في أرضه عبر إقامة العدل وإرساء القسط وإنتاج العلم وتعمير الدنيا بالخير وبث الفضائل وردع الرذائل لعلها تهدي البشرية بإذن ربها إلى ربها بعد ما أخفق بنو إسرائيل في ذلك وكان لا بد أن تجري بروتوكولات التسليم للأمانة الجديدة وتشريف قائدها في الأرض مرة عبر صلاة في أقدس مكان بعد الحرم المكي يؤم فيها القائد الجديد صلى الله عليه وسلم الأنبياء والرسل أجمعين نيابة عن أقوامهم أي عن البشرية قاطبة من لدن آدم عليه السلام ومرة في السماء حيث يتسلم الأمانة منهم أي من أولي العزم منهم درجة بعد درجة من آدم عليه السلام في السماء الأولى إلى موسى وعيسى عليهما السلام قبل إدلافه إلى سدرة المنتهى وسيظل المسلمون بعد ذلك سنوات طويلة أخرى ييممون وجوههم شطر الأقصى الذي شهد الجانب الأرضي من تسلم الأمانة الأخيرة لعبور مرحلة من الالتقاء الديني على أن أصل الديانات السماوية كلها صحيح سليم .


ألا فلنجعل من هذه الذكرى العزيزة علينا جميعا مناسبة تسري فيها قلوبنا خمس مرات في اليوم والليلة بالدعاء الخالص أن يبرم الله للمجاهدين الموعودين بالنصر لا محالة أمر رشد يتخلص فيه الأقصى من أسره وتجود فيه أيدينا كذلك بما تيسر من أموال تضمد جراحات المنكوبين ومناسبة نجدد فيها العهد مع الصلاة معراجنا اليومي إلى الركن الركين والسند السنيد، فالصلاة لو فقهنا بحق سر نهضتنا وسر تقدمنا وليعمل كل واحد منا شيئاً بصحبة إخوانه من أجل تجميد التطبيع مع العدو والمقاطعة الاقتصادية له ولكل أشياعه الظالمين .
__________________
ابو معاويه غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
كيف اعرف ان الاسلام دين سماوى؟ محمود رضوان المواضيع الاسلامية 0 04-18-2014 11:58 PM


الساعة الآن 10:58 PM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir