ي ذكرى المولد النبوي الشريف
بسم الله الرحمن الرحيم
في ذكرى المولد النبوي
ربيع الأول :1403هـ
هـــــــــذا الوُجودُ تَعَطُّـشٌ لنَـــداكا
والكــــــائنــاتُ تَلـَهُّفٌ لسَــــــــــــناكا
حَنَّـتْ إليكَ على البُعادِ قلوبُنـــــــــا
ونُفوسُنا ظَمْأى إلى سُـقْيـــــــــــــــاكا
فانثُرْ نَدِيَّ الطَلِّ فوقَ ظِمائهـــــــــا
وانْشُرْعليها مِنْ ظِلالِ هُــــــــــداكا
يا كلَّ مـــــا في الطيبِ من أَرَجٍ ويا
كلَّ النَـــــــدى ؛ للهِ مــــــــا أَنـــداكا
* * *
يا خيرَ هادٍ ، بل وأرحمَ مُرْسَــــلٍ
رُحْماكَ ، ممــا نابَنـــا ، رُحمـــاكا
هذا الوُجودُ ، وقـد أنرتَ رُبوعَهُ
ونَفَحْتَــهُ مـــن عـــابقـــــاتِ شَـذاكا
عاد الظَلامُ يَلُفُّـــــــهُ وجَـرتْ بِــــهِ
ريحُ السَمُومِ ، ومــــــا لهـــــــا إلاّكا
سَعِــدت بكَ الأكوانُ ، يـومَ أَتيتَهـا
نُوراً وكلُّ الخيرِ في يُمنـــــــــــــاكا
وتـتـــــــابعتْ آياتُ بِـرِّكَ تَنجـــــلي
وتواصلتْ تَغشى الـــدُنا نُـعـمــــاكا
وُلِدتْ بمَوْلِدِكَ السعــــــادةُ والهَنـــا
والنورُ مـــــا عـــــمَّ الدُجــــا لولاكا
نوراً ولِدتَ فأشرقتْ لضيــــــــــائهِ
بُصرى الشـآمِ ؛ أَضاءها مَجْـلاكا
فبَدَتْ لـ (آمنــــــةَ) القُصورُ جَليَّــةً
بك يا بنَ عبــــدِ الله ، مــا أبهـــاكا
وأتت تُؤانسُ بنتَ وهبٍ مريـــــــــمٌ
وتَزُفُّ آسيـــــــــــــــــــــةٌ لها بُشراكا
وجَثا الملائكُ حولَ مهـدِكَ خشَّعاً
والبدرُ في كَـبِـــــدِ السَمَــــــا ناغـاكا
إيوانُ كســـرى اصَّـدَّعت أركانُـــــهُ
لك هيبـــــةً ، جــــاء الثقاتُ بذاكا
وكذاك نيرانُ المجوسِ تهيُّبـــــــــــــاً
قد أُخمِــــــــدت لمّا انجلى مَرْآ كا
أصنـــامُ مَكَّـــةَ ما لها قد نُكِّست !
أوَ جاء مَـن قــــد زلزل الإشراكا!
عجبــــاً تَخِرُّ لكَ الحجارةُ هيبـــةً
وتَــــــــذَلُّلاً ، أَوَ أَدْرَكَـتْ مَغزاكا ؟
روحي فداءُ (محمّدٍ) جاء الدُنا
بدراً أَضـــــــاءَ بنــــورِهِ الأفــــــلاكا
والمُرضعاتُ عَزَفْنَ عنــــــه ليُتْـمِــهِ
مَن لليتيـــم ؟ وما اليتيــــمُ سِـــواكا
مَن للفقيرِ ؟ فلا هَــــدايا عنـــــده
غَــوْثاكَ يا مَــوْلى الـــورى غَـــوثاكا
يا سيِّـــــدَ الأيتـــامِ بل يا خيرَ مَن
وَطِئ الثَرى ، لله مــــــــــــــا أَثراكا
لو شِئتَ أَنَّ جِبـــالَ مَكَّـــةَ كُلَّهـــــا
ذَهَبٌ ، لقالَ لكَ المُهيمِنُ هـــــــاكا
أُوتيتَ مـــا لم يُـؤْتَ قبلَكَ مُرسَـلٌ
فالحوضُ حوضُكَ واللّــــواءُ لِواكا
ولكَ الشفاعــةُ ، والخلائقُ خُشَّـعٌ
أبصارُهـــــــــا ، لا تَستطيعُ حَراكا
والأنبيـــــــــاءُ إلى عُـــــــلاكَ تَطَلُّـعٌ
فاليومُ يومُـــكَ والجميــــــعُ وراكا
و(أنا لهـا) مــــا قالهــــــا إلا الـــذي
ركِبَ البُراقَ ، فجَــلَّ مَن أَعطــاكا
جُزْتَ السَمَاءَ ولم يَجُزْها مُرسَـلٌ
وبلَغتَ مـــــــا قَرَّتْ بهِ عينــــــــاكا
وسجَدْتَ تحتَ العَرشِ سجْدةَ شاكرٍ
حيَّيْتَـــهُ ، وبِلُطفِــــهِ حَيّــــــــــاكا
وحَبــــــاكَ لُطْفَ ســــلامِهِ وكلامِهِ
مُتَــدنّيــــــاً ، مُتَـدَلِّيــــــــــاً ، فأراكا
أَوْحى إليــــكَ بغير واسطـةٍ ، ومَنْ
في قابِ قوسيِّ الشهـودِ ، هنــاكا ؟
وســألتَــــهُ مِـن غيرِ ما حُجُبٍ ولا
مِــن ســــامــــــعٍ إلاّ الــــذي أدْناكا
حَسْبُ اليتــامى أَنَّ (أحمدَ) منهمُ
وكفى الفقــيرَ بأنّـــــــــــهُ مَــــــوْلاكا
ورأت(حليمةُ)نورَ وجهِـكَ مُشرقاً
فـــــوق الجَبــــينِ فأكبــرَتْ مَعناكا
واستبشرتْ بالخيـــرِ فيــكَ فقبّلتْ
منـــــــكَ الجبيـــنَ وتُيِّـمَـتْ بهواكا
جاءت (بني سعدٍ) بأكرمِ مُرســلٍ
والخيرُ معقـودُ الخُطــا بخطــــاكا
جـــاءتهمُ والدارُ مُجدِبـــــــةٌ ، إذا
بالدارِ خِصْبٌ مــن هَتــــونِ نَداكا
وكذلـــك الماءُ النَمِيرُ، فحيثُمــــــــا
يجري رأيتَ حــــــــدائقــاً تلقـاكا
نفسي فداءُ ثَرى (حِراءٍ)كم ثوى
فيـــــهِ النبيُّ ، وكـم أظـــــلَّ مـَـــلاكا
ولكم تَحَنَّثَ فيــــــهِ أكــرمُ مُرسلٍ
يا غـــــارُ روحي والعُيــــونُ فداكا
فاشمخْ حِراءُ على الدنا تيهاً فقد
سَجَـــــدَ النبيُّ على بِســــاطِ ثَراكا
وشَهـدتَ بعثـــةَ خيرِ هـــادٍ للورى
والنــــورُ أَشْرق فيـــك ؛ ما أَسْناكا!
هبَطَ الأمينُ على النبيِّ (محـمَّــدٍ)
جبريلُ يتلـو الوحيَ في مَغْنــــــــاكا
ويَضُمُّـــــهُ ، ضَمَّ الحبيبِ حبيبَــــهُ
اِقـــــــرأْ (محمَّـدُ) باسْمِ مَنْ آواكا
أنت الطبيبُ لأمّـــــــــــةٍ فتكت بها
أحقـادُها ، فاصبرْ على مَرْضـــاكا
أُرسلتَ بالخيرِ العميمِ ورحمـــــــةً
للعــــالمــين ، فجلَّ مَـن سَـمّــــــــاكا
فانْشُرْ هُدى الرحمن بين عبـــادِهِ
هذي النفوسُ صـــلاحُهـــا يُسراكا
* * *
ورَجعتَ يا مَجْلى الحقائقِ خائفاً
مِنْ هَـولِ مـــا بَصُرتْ بِــهِ عينــاكا
سَمِعتْ (خديجةُ)زَمّلوني فانحنتْ
فـــوقَ الحبيبِ ؛ تهُزُّهـــــا شكواكا
آمنتُ أنَّــــك مُــرســــلٌ مــن ربِّــــهِ
فالحـمْـــــدُ لله الذي أَهـــــــــــداكا
واللهِ لايُخزيــــكَ ربّي إنّـــــــــــــــــهُ
وَحْيُ السَمَاءِ ، فويْحَ مَن عــاداكا
ويـح النفوسِ الجاحـــــداتِ لَوَ نَّها
مثـلُ الحِجـــــارةِ لَا نْحَنَتْ لِـعُلاكا
ولَأَبْصَرتْ نــــورَ النبـــــوَّةِ واهتدَتْ
لكنَّهـــــــــــا لم تسـتطـــــــــعْ إدراكا
عَمِيتْ قلـوبُ الحــاقـــدينَ تَكَــُّبراً
وتَمَيَّزتْ حَسَــــداً لِمـــا حــــــاباكا
* * *
أَدركْ ــ أَبا الزهراءِ ــ أُمَّتَــــكَ التي
شطَّتْ خُطاهـا عن سبيلِ خُطاكا
وتَجَاذبتْ أحـــــلامَهم أَهْــــواؤهم
فاجْمَــــعْ شَتــــاتَهمُ .. وما أَحْراكا
أَتَصولُ في الأقصى شَراذمُ نَــــذلةٌ
وتُدَنِّسُ الأَقصى ؟! ومــــــا أدراكا
والمسلمُون جُموعُهم عَـدَّ الحَصى
والرَمْــــــلِ والأحجــارِ في مَسْراكا
سُقْيـــــــا الخلودِ دَمٌ يُراقُ وأنفُـسٌ
يومَ الكريهــــــــةِ لا تَمَــــــلُّ عِراكا
حَجَرٌ بكفِّ الطفلِ أَنفعُ في الوغى
من مِدفــــــعٍ لا يقطـــعُ الأَسـلاكا
* * *
يا مُنصِفَ الضعفاءِ قــد حلَّت بنا
عُسْـرى ، فَحُــلَّ العُسْرَ في ذِكراكا
وامــــــدُدْ إلينــــا مـن أياديكَ التـي
عـــــوَّدْتَنـــــــــا ، فقُلـوبُنـــــا تهواكا
عَــزَّتْ على أَهــلِ الغنى أمـــوالُهـم
فأبوا ، وســــــار المُعْـــــدِمون وراكا
أَنصفتَـهـم وعتَقتَ أَهْـلَ الرِقِّ مــن
أغــــلالِهـم ، فقُـــــلوبُنــــــــا أَسراكا
ولقد مدَحْتُــــك ، يا نبيُّ ، تَشَرُّفاً
وتَقَرُّباً منّي إلى مَــــــــــــــــــــــوْلاكا
وكذا العُطورُ إذا مَسَسْتَ تَعَطَّرتْ
بأريجِهــــــــا وتضَمَّختْ كفّـــــــاكا
وإذا نشرتَ الطيبَ حَوْلكَ ، ناشراً
عَرْفَ الطُيوبِ ،فقد نشرتَ هَناكا
صلّى عليـــك اللهُ يا خــيرَ الــــورى
ما هَـلَّل العافون حـولَ حِمـــــــاكا