أنت غير مسجل في منتدى الإحسان . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ِ وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت           
العودة   منتدى الإحسان > الشريعة الغراء > السِــيرْ وتـراجم أعــلام الإســـلام

 
قديم 02-14-2009
  #2
هيثم السليمان
عضو شرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: دير الزور _ العشارة
المشاركات: 1,367
معدل تقييم المستوى: 18
هيثم السليمان is on a distinguished road
افتراضي رد: الفيلسوف الفرنسي العالمي الإسلامي الصوفي الشاذلي ( رينيه جينو ) عبد الواحد يحيى

كيف اعتنق جينو الإسلام ؟ ولِمَ اعتنقه ؟ وعلى يد مَنْ أسلم ؟

هذه الأسئلة وضعها الغربيون , وأخذوا يفترضون مختلف الفروض للإجابة عليها , ولكن لم تخرج عن أن تكون مجرّد فروض .
ولقد قال جينو إنّه اتصل بممثّلي الأديان الشرقيّة عن طريق مباشر ؛ فكيف اتصل بهم ؟ وبمن منهم اتصل ؟ ثمّ إنّ جينو أهدى أحد كتبه إلى الشيخ ( عبد الرحمن عليش ) .فمن هو هذا الشيخ عبد الرحمن عليش ؟ وكيف عرفه جينو ؟ وهل هو الذي هداه إلى الإسلام ؟ وكيف ؟
كلّ هذه الأسئلة كانت غامضة حتّى ألقى عليها الأستاذ ( فلسن ) ـ الذي اعتنق هو الآخر الإسلام , وأتقن لغة القرآن ـ شيئاً من الضوء في بحث مستفيض نشر في عدد يناير سنة 1953م من مجلّة ( إتيد ترادسيونل ) الفرنسيّة , وهذا البحث نلخّصه فيما يأتي :

{ من تاريخ الحركة الصوفيّة في مصر }

الشيخ عليش والشيخ عبد الواحد
(( الشيخ عليش : أسرة الشيخ عليش أسرة مغربيّة أشهر رجالها هو الشيخ محمد عليش الكبير 1218- 1299 , وقد درس الشيخ محمد عليش في الأزهر ثمّ جلس للتدريس به 1245هـ , وكان يحضر عليه ما ينوف عن المئتين من الطلبة , وقد تقلّد مشيخة السادة المالكيّة والإفتاء بالديار المصريّة سنة 1270هـ , وتذكر الخطط التوفيقيّة " أنّه كان في حال حياته مستغرقاً زمنه في التأليف والتدريس والعبادة , متجافياً عن الدنيا وأهلها , لا تأخذه في الله لومة لائم " . وقد ألّف الكثير من الكتب في مختلف الفنون التي تدرّس بالأزهر .
والطريف أنَّ الشيخ عليش في 1 يونيه سنة 1882م خطب ممتدحاً " الجيش الذي خلّص البلاد من الوقوع في أيدي الكفّار " وأثنى على رؤسائه وعلى وطنيّتهم , وكانت هذه الخطبة تتعارض كلّ المعارضة مع سياسة الخديوي توفيق , ولكنّ الشيخ عليش لم يبالِ به .
ثمّ أفتى الشيخ عليش بمروق الخديوي توفيق من الدّين كمروق السّهم من الرمية لخيانته دينه ووطنه , وتلا الشيخ محمد عبده هذه الفتوى في الجمعيّة العموميّة في 22 يوليه سنة 1882م , وكان الخديوي قد أصدر أمراً بعزل عرابي , وتداول الأعضاء في الموقف , وفيما يجب عمله فاتفقت آراؤهم على عدم قبول عزل عرابي , وقرّرت الجمعيّة وقف أوامر الخديوي وعدم تنفيذها ) .


الشيخ عليش والشيخ عبد الواحد
إنّ الصّلة بين الشيخ الأكبر ؛ سيدنا محيي الدين بن عربي , وبين الشيخ عبد الواحد بادية ظاهرة , ولقد اعتنق جينو الإسلام بواسطة شيخ ينتسب إلى روحانيّة الشيخ الأكبر ؛ أعني الشيخ عليش الكبير , وهو الشخص الذي أهدى إليه جينو أحد كتبه في هذه العبارة : (( إلى الذكرى المقدّسة , ذكرى الشيخ عبد الرحمن عليش الكبير , المالكي , المغربي , الذي أدين له بالفكرة الأولى لهذا الكتاب . مصر القاهرة 1329 – 1347 هـ )) .
وهذا الشيخ المصري يهمّنا من ناحية أخرى لأنّه فضلاً عن صفته الصوفيّة السامية , كان له صفة أخرى , فلقد كتب جينو في أحد خطاباته يقول : " كان الشيخ عليش شيخ فرع من الطريقة الشاذليّة , وكان في الوقت نفسه شيخ المذهب المالكي بالأزهر " .
والشاذليّة طريقة أسّسها في القرن السابع الهجري الشيخ أبو الحسن الشاذلي , وهو صورة من أروع الصور الروحانيّة في الإسلام .
كان الشيخ الذي ينتسب إليه جينو , إذاً , يجمع بين صفتين هما الحقيقة والشريعة ؛ كان شيخ طريقة , وشيخ مذهب , وهذا له أهمّية بالنسبة لتلميذه فيما يتعلق بتقديرنا لآرائه من الناحية الإسلاميّة .
ومما ينبغي ملاحظته في عناية أنَّ هذا الشيخ هو الذي يدين له جينو بالفكرة الأولى لكتابه (( رمزيّة الصليب )) , وهكذا كان هذا الشيخ يفتح السبل أمام جينو , ويهديه الطريق , ولذلك ينبغي أن نعرّف القراء بهذا الشيخ , وبالواسطة التي كانت بينه وبين جينو , والمعلومات التي سنتحدث عنها مصدرها مجلّة عربيّة إيطاليّة كانت تصدر في القاهرة 1907م تسمّى (( النادي )) .
كانت الروح التي تسود هذه المجلّة هي روح الشيخ الأكبر محيي الدين , وكانت هذه المجلّة تعتبر طليعة لمجلّات أخرى صدرت فيما بعد في فرنسا , وساهم فيها جينو بحظّ وافر , وكان من ألمع محرّري مجلّة النادي _ سواء ذلك قسمها العربي أو قسمها الإيطالي _ وهو عبد الهادي, وعبد الهادي هذا من أصل لتواني فنلندي , ونشأ مسيحيّاً , وكان اسمه (( إيفان جوستاف )) , ثمّ اعتنق الإسلام , وتعلّم العربيّة , وأخذ يكتب في المجلّة المقالات , ويطبع فيها الرسائل الصوفيّة الإسلاميّة من مؤلفات الشيخ الأكبر , ويترجم بعض النصوص , وقد تحدّثت هذه المجلّة كثيراً عن الشيخ عبد الرحمن عليش , ولقد كتب فيها الشيخ عليش نفسه مقالة خاصّة بمحيي الدين بن عربي .
وكان عبد الهادي على صلة شخصيّة طبعاً بالشيخ عبد الرحمن عليش , قد أعطانا عنه معلومات نفيسة ؛ إنّه يراه من أشهر رجال الإسلام , ووالده من كبار رجال المذهب المالكي , أمّا هو نفسه فقد كان حكيماً عميق الحكمة , وكان محترماً من الجميع , سواء في ذلك الرجال العاديّون أم الأمراء والسلاطين , وكان شيخاً لكثير من الجماعات الدينيّة المنتشرة في جميع أنحاء العالم الإسلامي .
كان زعيماً من زعماء الإسلام , سواء في ذلك ما اتّصل بالجانب الصوفي , أو الجانب الفقهي , أو الجانب السياسي ؛ ومع ذلك فقد ابتعد هو ووالده عن ألاعيب السياسة ومؤامرتها , وكانت صفاتها الكريمة , وتقشّفها في الحياة , ومعرفتها المستفيضة العميقة , وحسبها العريق ,,, كلّ ذلك سما بهما إلى مركز ممتاز في العالم الإسلامي , بيد أنّهما لم يعيرا ذلك اِلتفتاً واِلتزاماً مرضاة الله .
أمّا شهرتهما بالتعصّب التي لا أساس لها , فقد كان مصدرها فتوى شهيرة كانت نتيجتها كما يقولون ثورة عرابي باشا 1882م , وفي هذه السّنة ؛ سنة 1882م زُجَّ بالشيخين في السجن , وحكم عليهما بالإعدام , وقد مات الأب في السجن , أمّا الشيخ عبد الرحمن فقد استبدل حكم الإعدام فيه بالنفي .
ولكن الحظّ السيّئ تابعه في منفاه ؛ كانت شهرته وكان حسبه ونبله الذاتي ..., كان كلّ ذلك من عوامل الشّك فيه , واتّهم ؛ في حماقة , بأنّه يتطلّع إلى إقامة الخلافة الإسلاميّة لحسابه أو لحساب سلطان مراكش , فوضع في السّجن من جديد , ولكن وضعه في السّجن هذه المرّة كان بناء عن أمر أمير مسلم .
ومكث عامين في زنزانة لا تطاق , حيث العفونة والروائح الكريهة , وغير ذلك مما تضيق به النفس , ولأجل بعث الرّعب في نفسه كانوا يتعمدون أن يقتلوا أمامه بعض من حكم عليهم بالإعدام , ثمّ أخرج من السّجن من جديد , ونفي إلى رودس .
ولقد أقام أيضاً في دمشق , حيث التقى بعدوّ الفرنسيّين العتيد ؛ الأمير عبد القادر الجزائري , فتألفت بينهما صداقة وطيدة ؛ كان من أسسها الحبّ القوي في نفسيهما للشيخ الأكبر الذي كان الأمير يكرّس وقته في أخريات حياته لدراسته , وحمله إعجابه به على أن يموّل الطبعة الأولى لكتاب الفتوحات المكيّة ؛ ذلك الكتاب الذي تبلغ صفحاته حوالي ( 2500 ) , ولمّا مات الأمير كفّنه الشيخ وصلّى عليه , ودفنه في الصالحيّة بجوار مقبرة الشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي .
وأصدرت الملكة فيكتوريا العفو عن الشيخ , فعاد إلى مصر وأقام في القاهرة , وأخذ نوره ينبعث من القاهرة إلى جميع أقاليم العالم الإسلامي.
وكان يبتعد ويبعد تلاميذه عن جميع الصغائر , وكان تأثيره قوياً إلى درجة أنّه حينما تلتقي برجل شرقيّ ترى فيه سموّ الأخلاق وسعة المعرفة , فيجب أن تعلم أنّه " شاذلي " . ( هذا رأي عبد الهادي , ورجال التصوّف الحقيقيّون كلّهم خير وكلّهم بركة ) , والشاذليّة لا شكّ مدينة في احتفاظها بالمثل العليا للسنّة التي أقامها أبو الحسن الشاذليّ ؛ إلى السموّ الروحي للشيخ عليش .
وقد نشرت مجلّة النادي مقالة للشيخ عليش عن محيي الدين وقد اختتمها بشكره لعبد الهادي بسبب ما أدّاه للحضارة من خدمة جليلة هي تعريف النّاس بمحيي الدين , ثمّ ينتهي الشيخ بأنّ يحثّ عبد الهادي على أن يستمر في متابعة دراساته الصوفيّة غير معني بما يثيره حوله بعض من لم يفهموا الإسلام على حقيقته .
وما إن نشرت مقالة الشيخ في المجلّة حتّى أعلن في العدد التالي أنّه تألّفت جمعيّة في إيطاليا وفي الشرق لدراسة ابن عربي وسمّيت (( الأكبريّة )) ووضعت منهاجاً هو التالي :
1- دراسة ونشر تعاليم الشيخ محيي الدين سواء ما يتصل منها بالشريعة وما يتصل بالحقيقة , والعمل على طبع مؤلّفاته ومؤلّفات تلاميذه وشرحها , وإلقاء محاضرات خاصّة به , وأحاديث تشرح آراءه .
2- جمع أكبر عدد ممكن من محبّي الشيخ ابن عربي , وعقد صلة قويّة بينهم تقوم على الأخوّة , وتؤسّس على الترابط الفكري بين النخبة المختارة من الشّرقيّين والغربيّين .
3- تقديم المساعدة المادّية والتشجيع الأدبي لمن هم في حاجة إلى ذلك ممن يتبعون الطريق الذي اختطّه محيي الدين بن عربي ؛ وعلى الخصوص هؤلاء الذين ينشرون دعوته بالقول أو بالعمل .
4- ولا يقتصر عمل الجمعيّة على ذلك ؛ بل يتعداه أيضاً إلى دراسة مشايخ الصوفيّة الشّرقيّين ؛ كجلال الدين الرومي مثلاً , بيد أنّ مركز الدائرة يجب أن يستمرّ ابن عربي .
5- ولا صلة للجماعة قطّ بمسائل السّياسة مهما كان مظهرها ؛ إذ أنّها لا تخرج عن دائرة البحث في الدين والحكمة .
وبدأ عبد الهادي ينشر دراساته الصّوفيّة , وقد ساعده الحظّ فوجد حوالي عشرين رسالة لابن عربي مخطوطة , نادرة الوجود ، نفيسة القيمة , فأخذ في تحليلها .
ولكنّ المجلّة للأسف لم تسلم من شرّ أعداء التصوّف فقضي عليها , ورأى عبد الهادي ؛ متابعاً لإشارة الشيخ عليش أن يحاول إقامة صلة روحيّة بين الشرق والغرب , فسافر إلى فرنسا حيث التقى بجينو .
وكان جينو إذ ذاك يصدر مجلّة باسم (( المعرفة )) , فأخذ عبد الهادي في سنة 1910م يساهم فيها بجدّ ونشاط . لقد نشر فيها أبحاثاً , ولكنّه نشر فيها على الخصوص ترجمة كثير من النصوص الصوفيّة إلى اللغة الفرنسيّة , وأثمرت مرافقته لجينو أن عقد بينه وبين الشيخ عليش صلة قويّة متينة عن طريق تبادل الرسائل والآراء , كانت النتيجة أن اعتنق جينو الإسلام سنة 1912م بعد أن درسه دراسة مستفيضة .
وقامت الحرب سنة 1914م فأوقفت كلّ نشاط يتّصل بالدين والروح والفكر , وسافر عبد الهادي إلى إسبانيا ؛ وهناك في بلدة برشلونة توفاه الله سنة 1917م .
وحمل جينو راية الجهاد فاستمر يبني على ما أسّسته (( الأكبريّة )) ؛ تلك الجماعة التي تنتهج نهج الشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي .
والواقع هو أنّ الذي وجّه جينو هذه الوجهة هو الشيخ عليش ؛ والشيخ عليش إنّما كان مرآة تعكس صورة الشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي ؛ وهو أسمى مظهر للتصوف الإسلامي والعقيدة الإسلاميّة , وإذا كان الشيخ عليش مالكيّاً محافظاً , فإنّ تصوفه لا يخرج عن التعاليم الإسلاميّة .
وإذا كان الأمر كذلك بالنسبة له فإنّه كذلك أيضاً بالنسبة لتلميذه جينو .
هيثم السليمان غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
معهد الفتح الإسلامي عبدالقادر حمود المناسبات الدينية واخبار العالم الاسلامي 3 01-20-2012 04:47 PM
برنامج دليل الانترنيت 2008 العالمي احمد قسم الحاسوب 2 08-31-2009 10:24 PM
إنشاء المجلس الصوفي العالمي في القاهرة ابوعبدالله القسم العام 6 05-08-2009 02:55 AM
مشروع الصرف الصحي في أبو حردوب مشكلة القرن الواحد والعشرون عبدالقادر حمود ركن وادي الفرات 1 02-14-2009 02:42 AM
اسلام القائد الفرنسي منو عبدالقادر حمود ركن التاريخ 0 08-31-2008 10:47 PM


الساعة الآن 12:08 AM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir