رمز وصرح حضاري تفتخر به الإمارات
جامع زايد الكبير أيقونة العمارة الإسلامية في العاصمة
صمم المسجد وفق أعلى معايير هندسة العمارة
تاريخ النشر: الجمعة 02 ديسمبر 2011
أبوظبي (الاتحاد) -
يعد جامع المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ـ رحمه الله ـ في أبوظبي، والذي يعرف بـ«مسجد زايد» أو «جامع زايد الكبير» صرحا إسلاميا وحضاريا بارزا في دولة الإمارات. ويقع مسجد «الشيخ زايد الكبير» في منطقة استراتيجية بين جسري «المصفح والمقطع»، ويعتبر هذا الصرح الضخم رابع أكبر مسجد في العالم من حيث المساحة الكلية، بعد المسجد الحرام والمسجد النبوي، ومسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء، حيث تبلغ مساحته 412,22 مترا مربعا بدون البحيرات العاكسة حوله، وأحد أكبر عشرة مساجد في العالم من حيث مساحة صحن المسجد نفسه الذي يتسع لأكثر من 7000 مصلٍ في الداخل، لكن مع استعمال المساحات الخارجية فانه يتسع لحوالي 40 ألف مصلٍ.
تحفة فنية
يعد المسجد أيقونة فنية في فن العمارة الإسلامية، ورمزاً وطنياً تفتخر به دولة الإمارات، وقد أمر المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ـ طيب الله ثراه ـ ببناء هذا المسجد في عام 1996، ليكون صرحا إسلاميا يرسخ ويعمق الثقافة الإسلامية ومفاهيمها وقيمها الدينية السمحة، ومركزا لعلوم الدين الإسلامي.
وأُقيمت أول صلاة في المسجد، صلاة عيد الأضحى من العام الهجري 1428 الذي صادف يوم 19 ديسمبر2007، ولم تكن التشطيبات النهائية لأعمال البناء حول المسجد قد انتهت بعد، لكن تم الانتهاء منها تماماً في مارس 2008. وبلغ إجمالي تكلفة المشروع الاستثمارية حوالي مليارين و167 مليون درهم، وتمت أعمال البناء بمواد أولية جُلبت من شتى بقاع العالم، وبكوادر فنية ومهنية من مختلف البلدان ـ من إيطاليا، واليونان، وألمانيا، والمغرب، والهند، وتركيا، وإيران، والصين، ودولة الإمارات، وكانت المحصلة البناء النهائية تحفة وآية من الجمال الخلاق.
وكانت أعمال البناء بدأت في 1998، من قبل عدة شركات عالمية شهيرة، وتحت إشراف دائرة الشؤون البلدية في إمارة أبوظبي، وتم تنفيذ المشروع على مرحلتين، تضمنت الأولى بناء الأساسات والهيكل الخرساني وبلغت تكلفتها 750 مليون درهم. أمّا المرحلة الثانية فتضمنت أعمال التشطيب والزخرفة الداخلية والخارجية، وكلفت مليارا و267 مليون درهم، إلى جانب 150 مليون درهم أنفقت على الأعمال الخارجية المحيطة بالمسجد، الذي بنيَ على ارتفاع تسعة أمتار عن مستوى الشارع الرئيسي وفق توجيهات المغفور له الشيخ زايد شخصيًا، حتى يمكن رؤية المسجد من زوايا مختلفة، ومن مسافات بعيدة.
أرقام ومواصفات
يتميز جامع «الشيخ زايد الكبير» بوجود أربع مآذن في أركان الصحن الخارجي بارتفاع 107 أمتار للمئذنة، وكلها مكسية بالكامل بالرخام الأبيض، ويبلغ عدد الأعمدة داخل قاعة الصلاة الرئيسية «صحن المسجد» 24 عموداً تحمل الأسقف والقباب الضخمة، وصممت بحيث يكون العمود الواحد مقسما إلى أربعة ركائز، تحمل العقود الحاملة للقباب، وتم تكسية هذه الأعمدة بالرخام الأبيض المطعم بالصدف بأشكال وردية ونباتية مما يجعلها تضفي جمالاً ورونقاً خاصاً.
أما أبعاد «صحن المسجد» الداخلية فتبلغ 50 مترا في 55 مترا، ويصل ارتفاع السقف 33 مترا عن الأرض، إلا عند القبة الرئسية، إذ يصل ارتفاعها إلى 45 مترا. وتغطي أرضية المسجد أكبر سجادة في العالم، وتبلغ مساحتها 5627 متراً مربعاً، وصممت بفنون راقية وجميلة، وقد نسجت السجادة يدوية الصنع في إيران من قبل أكبر شركات صناعة السجاد اليدوي هناك، وقد عمل عليها أكثر من 200 ناسج وناسجة، و20 فنياً، و30 عاملاً مساعداً، ويبلغ عدد العقد فيها 2,268 مليون عقدة، ويبلغ وزنها47 طناً ـ 35 طناً منها من الصوف و12 طناً من القطن ـ وقد تكلفت السجادة نحو 30 مليون درهم.
ويزين وسط سقف صحن المسجد أكبر ثريا في العالم صنعت من كريستال شوارفسكي بالغ الجودة، وهي مطلية بالذهب، ومرصعة بالجواهر، ويبلغ قطرها 10 أمتار وطولها 15 متراً، كما تعد قبة المسجد الرئيسية أكبر قبة لمسجد في العالم، حيث يبلغ ارتفاعها 83 مترا، وبقطر داخلي يبلغ 32,8. وتزن القبة ألف طن، وزخرفت من الداخل بالجبس المقوى بالألياف الخاصة وزخرفت بزخارف نباتية فريدة صممت خصيصاً للمسجد، بالإضافة إلى آيات قرآنية تزين جنبات القباب، التي يصل عددها 85 قبة مختلفة الأحجام، لتغطي الأروقة الخارجية والمداخل الرئيسية والجانبية، وجميعها مكسوة من الخارج بالرخام الأبيض المتميز، ومن الداخل بالزخارف المنفذة من الجبس التي قام بتنفيذها فنيون مهرة متخصصون في مثل هذا النوع من الأعمال.
الصحن الخارجي
روعي في تصميم أرضية الصحن الخارجي للمسجد أن تكون بنظام بلاطات خرسانية ضخمة محمولة على ركائز خرسانية، ومكسوة بأجود أنواع الرخام المزخرف بتصاميم نباتية ملونة وباستعمال الفسيفساء لتغطية مساحة الصحن بالكامل البالغة 17 ألف متر مربع من ضمن أكبر المساحات المكشوفة الموجودة في المساجد بالعالم الإسلامي. أما عدد أعمدة الصحن الخارجي الموجودة بالأروقة المحيطة بالصحن فيبلغ 1048 عموداً مكسياً بالرخام المطعم بالأحجار شبه الكريمة، وبتصميمات نباتية وأزهار ملونة، لها تيجان معدنية مطلية بالذهب. وأحيطت الأروقة الخارجية للمسجد ببحيرات مائية تعكس واجهات المسجد، مما يضيف إليه تميزا من الناحية التصميمية، وأرضياتها مكسوة بالرخام الأبيض مع استعمال رخام أخضر في الممرات التي تؤدي إلى الصحن، كما روعي بأن تكون أعمدة الأروقة الخارجية من الرخام الأبيض المطعم بالأحجار شبه الكريمة، بالإضافة إلى تاج الأعمدة، والمصمم بشكل رأس نخلة من الألمنيوم المذهب.
بالإضافة إلى ذلك، فإنه يقع في كل من الزاوية الشرقية الشمالية والشرقية الجنوبية أماكن للوضوء، مكونة من 80 دورة مياه و100 نقطة وضوء. ويعرف أن المسجد يضم قبر المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ـ رحمه الله ـ في الجهة الشمالية من المسجد، الذي دفن فيه في اليوم التالي لوفاته، الثالث من نوفمبر 2004، قبل انتهاء أعمال بناء المسجد بشكل كامل.
والمسجد يضم مكتبة ضخمة، تحتوي على أكثر من ثلاثة آلاف عنوان، موزعة على مختلف المجالات العلمية والثقافية، في أكثر من اثنتي عشرة لغة حيّة، من ضمنها مجموعات من نفائس الكتب النادرة، توفر المكتبة الخدمات المكتبيّة النوعيّة والمساهمة في إدارة الفعاليات والأنشطة الخاصّة بأعمال الترجمة والنشر العلمي في مجالات العلوم العربية والإسلامية، وهي متاحة للباحثين والمهتمّين والمختصين. وتعتبر المكتبة من الناحية المعمارية عملا فنيا مكملا للمسجد، من تصميم معاصر وحديث يصطبغ بطابع فنون العمارة الإسلامية والعربية الأصيلة.