صفات الجنة في القرآن والسنة
فكل مسلم يجب أن يؤمن أن في الجنة دارا أعدها الله للمحسنين من عباده، فيها أنهار من ماء عذب، وأنهار من عسل مصفى، وأنهار من خمر لذة للشاربين، يأكلون فيها ويشربون، ويطوف عليهم ولدان مخلدون، وهم فيها خالدون، نزع الله الغل من صدورهم إخوانا على سرر متقابلين، فقد قال الحق سبحانه في الحديث القدسي: “أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر”، وقال سبحانه وتعالى في سورة السجدة: “فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون
على المسلم أن يؤمن بأن الجنة درجات، وأن هذه الدرجات أعدها الله عز وجل للمؤمنين على قدر أعمالهم الصالحة.. قال تعالى: “وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار” وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: “في الجنة مائة درجة، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض والفردوس أعلاها درجة، ومنها تفجر أنهار الجنة الأربعة، ومن فوقها يكون العرش، فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس”.
أبواب الأعمال الصالحة
وقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة والروايات الموثقة عن الجنة وأبوابها ومن يدخلها.. فأخبرنا صلوات الله وسلامه عليه أن للجنة ثمانية أبواب تسمى بأسماء الأعمال الصالحة، فهناك باب للصائمين يسمى (الريان) وهناك باب الصلاة، وباب الإحسان، وباب الصدقة، وباب الجهاد، فالمسلم الذي كان يكثر من الصيام يدخل من باب الصيام، ومن كان يحرص على الصلاة يدخل من باب الصلاة وهكذا.
وهناك أناس يدخلون من جميع الأبواب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله دعي من أبواب الجنة: يا عبدالله، هذا خير، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام، دعي من باب الصيام، وهو باب الريان” فقال أبو بكر رضي الله عنه: “هل يدعى أحد منها كلها يا رسول الله؟ قال: نعم، وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر”.
وعن باب “الريان” الذي جعله الله عز وجل للصائمين خاصة يقول صلى الله عليه وسلم: “إن في الجنة بابا يقال له الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم فإذا دخلوا أغلق عليهم، فلم يدخل منه أحد”.
وحثنا رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه على أعمال تدخلنا الجنة فقال: “ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء، ثم يقول أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبدالله ورسوله، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء”.
وعلى المسلم أن يؤمن أن في الجنة غرفا أعدها الله عز وجل للمؤمنين، قال تعالى: “لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية” وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح “إن في الجنة لغرفا يرى ظهورها من بطونها وبطونها من ظهورها، فقام إليه أعرابي، فقال: لمن هي يا رسول الله؟ قال: هي لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام وأدام الصيام، وصلى لله بالليل والناس نيام”.
وأخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تربة الجنة الزعفران، وان بناءها لبنة من ذهب ولبنة من فضة.. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله مم خلق الخلق؟ قال: “من الماء” قلنا: الجنة ما بناؤها؟ قال: لبنة من فضة، ولبنة من ذهب، وملاطها المسك الأذفر، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وتربتها الزعفران ومن دخلها ينعم ولا ييأس، ويخلد ولا يموت لا تبلى ثيابهم، ولا يفنى شبابهم”.
ولأن الإنسان في الدنيا والآخرة بشر له طبائع وغرائز وشهوات يجري وراءها ويحرص عليها. فقد وفر له خالقه كل ما يشتهيه في الآخرة إذا ما كان طائعا ملتزما حريصا على الحلال متجنبا كل صنوف الحرام في حياته.. ومن بين نعيم الجنة (الحور العين) وقد أخبرنا القرآن الكريم أن في الجنة خياما جعل الله فيها الحور العين، فقال تعالى “حور مقصورات في الخيام” وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “في الجنة خيمة من لؤلؤة مجوف عرضها ستون ميلا في كل زاوية منها أهل، ما يرون الآخرين يطوف عليهم المؤمن”.
وفي الجنة كل الأشجار الجميلة والثمار اليانعة، وهذه الثمار لا تشبه بعضها بعضا في الطعم واللون، وهي موجودة على الدوام.. يقول الحق سبحانه “وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة”.
أنهار الجنة
أما عن أنهار الجنة وما أعده الله من شراب لأصحابها فحدث ولا حرج.. فعلى المسلم أن يؤمن بأن في الجنة أنهارا من ماء غير متغير الطعم، وأنهار من عسل مصفى، وأنهار من خمر لذة للشاربين، وهذه الأنهار ماؤها أشد بياضا من اللبن، وأجمل طعما من العسل، لا يمل الإنسان من الشرب منها.. يقول الحق سبحانه في سورة البقرة: “وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار” وقال في سورة محمد: “مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم”.
ومن أنهار الجنة التي أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم النيل والفرات، فقد جاء في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام مسلم قال: “النيل والفرات من أنهار الجنة” ومن أنهارها أيضا الكوثر، وهو نهر أعطاه الله عز وجل لرسوله، ماؤه أبيض من الثلج، وأعذب من العسل، قال عليه الصلاة والسلام “الكوثر نهر في الجنة، حافتاه من ذهب، ومجراه على الدر والياقوت، تربته أطيب من المسك، وماؤه أحلى من العسل، وأبيض من الثلج”.
وإلى جانب هذه الأنهار والثمار التي وفرها الخالق لعباده المخلصين الطائعين في الدار الآخرة.. هناك مظاهر أخرى للنعيم الوافر، والثواب العظيم وفرها الخالق عز وجل وتحدث عنها القرآن الكريم وأخبرنا بها الرسول صلى الله عليه وسلم في أحاديثه الصحيحة.. ففي الجنة سرر وآنية وفرش من الحرير يقول سبحانه في سورة الغاشية “فيها سرر مرفوعة. وأكواب موضوعة. ونمارق مصفوفة. وزرابي مبثوثة” ويقول عز وجل في سورة الإنسان: “ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قوارير. قوارير من فضة قدروها تقديراً”.
وأهل الجنة يلبسون ثيابا من الحرير، ويتزينون باللؤلؤ والذهب والفضة قال تعالى: “يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير” وقال تعالى: “عليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة” وثياب الجنة لا تبلى ولا تتمزق، وتبقى على جمالها ودقة صنعها كما هي.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من يدخل الجنة ينعم لا يبأس، لا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه”.
تحية الملائكة
وإكراماً لأهل الجنة تدخل عليهم الملائكة الذين لا يرونهم في الدنيا لتحيتهم والسلام عليهم.. يقول الحق سبحانه وتعالى في سورة الرعد: “والملائكة يدخلون عليهم من كل باب. سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار”. أما عن حال أهل الجنة فقد أخبرنا به الخالق في بعض آيات القرآن الكريم فقال عز وجل في سورة يونس: “دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين”. وقال سبحانه في سورة الواقعة: “لا يسمعون فيها لغواً ولا تأثيماً، إلا قيلاً سلاماً سلاماً”. وفي الجنة ولدان يخدمون المؤمنين قال تعالى: “ويطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين.لا يصدعون عنها ولا ينزفون وفاكهة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون”.
ولأن الجنة دار نعيم وطمأنينة واستقرار نفس فقد نزع الله عز وجل الغل والحسد من قلوب أهلها، وجعل بينهم المودة والمحبة، قال تعالى: “إن المتقين في جنات وعيون. ادخلوها بسلام آمنين. ونزعنا ما في صدورهم من غل إخواناً على سرر متقابلين. لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين” (الحجر: 45 - 48).